الشيخ الراحل كان أكثر استنارة من قضاة مجلس الدولة الذين سيطر عليهم الفكر السلفي
أفتى بعمل المرأة قاضية بينما عاد القضاة لفتاوي سيد قطب وحسن البنا
من كان قلعة الحريات : شيخ الأزهر أم مجلسا الدولة؟
كان يمثل الإسلام المصري الوسطي الذي لم يلوث بفتاوى الوهابيين
أين شيوخ الكاميرات والرقية الشرعية من شيخ الأزهر
أخشى أن تكون مصر بموته قد فقدت إعتدالها فمثله لا يجود به الزمان كثيرا خاصة وسط حلة ثقافية تجنح بالمجتمع نحو اليمين
شيخ الأزهر الراحل الذي لم يتقاعس عن خوض أي معركة خوفا من اتهامات مغلفة ومجهزة مسبقا من صغار الدعاة وشيوخ الوهابية كان يمثل الإسلام المصري الوسطي الذي لم يلوث بعد بفتاوى بن تيمية وأراء الوهابيين ومواقف شيوخ الكاميرات والرقية الشرعية لذلك لهم اليوم أن يقيموا الأفراح وهم يمصمصون شفاههم يدعون له بالرحمة بينما يغمزون ويلمزون ملمحين الى أنه قد أريح عن طريقهم
شيخ الأزهر العالم الجليل الذي لم يساوم على مواقفه أبدا كان أكثر علما من الكثير ورجل الدين الذي كان يمثله كان أكثر تفتحا من بعض من يدعون أنهم قلعة الحريات في مصر ولعلنا نذكر موقفه من عمل المرأة عامة وعمل المرأة قاضية على وجه الخصوص
لقد انحاز شيخ الأزهر تماما الى جانب التسامح والاعتدال فجاءت فتواه في هذا الشأن واضحة لاتقبل اللبس فأجاز عملها قاضية بينما انحاز مجلس الدولة (قلعة الحريات في مصر) الى موقف القوى الظلامية الرافضة لعمل المرأة
حقيقة لا يمكن أن ننكرها وباتت واضحة للعيان هي تغلغل الفكر السلفى بين أعضاء مجلس الدولة عبر رفضة بالأغلبية المطلقة تعيين المرأة قاضية بالمجلس وانتصار هذا المجلس نفسه للنقاب وهو ما كان مخالفا لرأي أكبر مرجعية إسلامية سنية وهي شيخ الأزهر الذي أعلن رأيه صريحا في القضيتين فأحل عمل المرأة قاضية وخاض معركة ضارية ضد النقاب مستندا الى فهم سليم لصحيح الإسلام لكن هذا لم يعجب الكثير من أنصار الفكر الظلامي فكان ما كان من التطاول على الشيخ الجليل ثم كان ما كان من موقف مجلس الدولة من القضيتين ويكفي أن المستشار يحيى راغب دكرورى رفض تعيين المرأة قاضية لمخالفة ذلك أحكام الشريعة الإسلامية لما يقتضيه عمل القاضية من إغلاق غرفة المداولات عليها مع قاضيين أو أكثر مما يعتبر خلوة غير شرعية متجاهلا بموقفه فتوى أكبر مرجعية دينية سنية ومنصبا نفسه مفتيا لعموم مصر
المستشار مجدى الجارحى السكرتير العام المساعد لنادى قضاة مجلس الدولة هو أيضا لم يتورع عن التدخل في الإفتاء في مقاله بتاريخ 1/3/2007 بعنوان: تعيين المرأة فى القضاء.. حرام شرعاً
المستشار الذي ارتدي عباءة المفتى قال صراحة أن مرجعية مجلس الدولة هى مرجعية دينية إذ يقول: «أجمعت آراء المذاهب الأربعة على عدم جواز تولى المرأة القضاء .. والمادة الثانية من الدستور الحالى نصت على أن «الإسلام دين الدولة .. ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع»، ومن ثم يكون تعيين المرأة قاضية مخالفاً للدستور .. يأثم من يفعله''
قرار رفض تعيين الإناث فى الوظائف القضائية لم يأت من فراغ وإنما فى إطار ردة سلفية تعترى مجلس الدولة جعلت فتاويهم ترديدا ممجوجا لأحد دعاة التطرف مثل الذي دأب على مطاردة المرأة الى أن تعود لتقبع خلف أسوار منزلها وهذا الداعية الذي نطق على لسان مجلس الدولة حاليا هو أبو إسحاق الحوينى الذي أفتى بتحريم تولى المرأة للقضاء لأن الأصل أن تستتر المرأة ولا تبرز للرجال، بينما القاضى لابد أن يتعرض للخصوم وأن يناقش هذا وذاك وليس هذا من صلاحية المرأة وهي فتوى لا تختلف في شئ عن ما يردده أنصار الجماعة المحظورة وعميدهم ومؤسسهم حسن البنا الذي قال: إن مهمة المرأة زوجها وأولادها..
هذه الفتوى قبل أن تخرج من مجلس الدولة خرجت من صاحب كتاب معالم على الطريق وهو الكتاب الذي يعد دستور عمل كل الجماعات المتطرفة وهو الكتاب الذي ألفه سيد قطب فيقول سيد قطب: إن خروج المرأة لتعمل كارثة
الشيخ سيد طنطاوى رحل عن عالمنا وهو يشهد قلعة الحريات تتحول الى قلعة تستورد فتاويها من خارج مصر وتقصد عندما تحتاج تفسيرا دينيا دعاة ومفسرين ليسوا أعلى منه قامة ولا أكثر منه علما لكنه كان مبتسما كعادته وهو يخوض معاركه فلم ييأس من تحرير العقول ولا القلوب التى أدماها رحيله فقد كان هو بحق قلعة الحريات التى نستند إليها عندما تهاجمنا رياح التطرف ...وها نحن حتى بعد رحيله نستند إلى مواقفه في مواجهة من يريدون إشاعة الظلام على ربوع مصر بدعوى أن كلمتهم لا ترد ولا يجوز مناقشتها وأذكرهم بأن الشيخ الجليل لم يستخدم سلاح القضايا ضد المفكرين كما فعلوا مع صلاح عيسي ولم يلهث وراء المداخلات في الفضائيات للإعلان عن أن من يخالفه الرأي سيقف في مواجهة القانون فقد رفض طيلة حياته أن يكون إلا داعية للإعتدال وقلعة للحريات بكاها شعب مصر كله مسيحيين ومسلمين وعلمانيين
رحم الله شيخ الأزهر الجليل ورحم الله وطننا بعده
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق