الثلاثاء، 21 فبراير 2012

علاء الأسواني يكشف الديانة الحقيقية للإخوان والسلفيين


علاء الأسواني يكشف الديانة الحقيقية للإخوان والسلفيين

...هل أنتم متدينون حقا ...؟!..
في الصيف الماضي ..اصطحب أحد أصدقائي والدته المسنة في سيارته الخاصة من الساحل الشمالي الى القاهرة ،
وفي الطريق فوجيء صديقي بأن أمه تشكو من تعب مفاجيء ولأنها مريضة بالسكر فقد ظل يبحث عن صيدلية حتى وجدها ودخل ليجد صيدليا ملتحيا فطلب منه صديقي أن يحقن والدته بمادة الأنسولين..فوجيء صديقي بالصيدلي يقول له :



ــ آسف ..أنا لا أعطى حقن للسيدات أبدا لأن ذلك مخالف للشرع .. ابحث لوالدتك عن طبيبة تعطيها الحقنة


حاول صديقي جاهدا اقناع الصيدلي ، قال له ان المنطقة نائية ومن الصعب العثور فيها على طبيبة كما أن والدته جاوزت السبعين من العمر مما يجعلها بعيدة تماما عن الغواية واثارة الفتنة لكن الصيدلي أصر على موقفه ...


واقعة أخرى ..

منذ فترة نشرت جريدة المصري اليوم تحقيقا عن المستشفيات في رمضان كشفت فيه أن العاملين في أقسام العناية المركزة واستقبال الحوادث يتركون عملهم بعد الافطار ولا يعودون قبل ساعتين كاملتين حتى يتسنى لهم أداء صلاة التراويح في المسجد .

خلال هذه الفترة يتركون المرضى المساكين لمواجهة مصيرهم فقد تتدهور حالاتهم أو يموتون بينما الأطباء والممرضون يتعبدون في المسجد .

ذلك أنهم يعتبرون أداء صلاة التراويح أهم بكثير من أى شيء في الدنيا حتى ولو كان حياة انسان بريء مريض يفترض أنهم مسئولون عنه

نفس المنطق الغريب ظهر هذا الأسبوع في وزارة الداخلية . على مدى ثلاثين عاما استعمل حسني مبارك جهاز الشرطة كأداة لقمع المصريين واهدار كرامتهم .

وقد عذب ضباط الشرطة مئات الألوف من المصريين واشتركوا في كل العمليات القذرة لنظام مبارك بدءا من تزوير الانتخابات الى التلصص على حياة المواطنين وتلفيق القضايا وتجنيد شهود الزور ضد المعارضين لنظام مبارك وأثناء الثورة وبعدها ارتكب ضباط كثيرون جرائم رهيبة في حق المتظاهرين بدءا من هتك الأعراض وفقء العيون بالخرطوش الى القتل بالرصاص الحي ..

كان المفروض أن تؤدى الثورة الى تطهير جهاز الشرطة واعادة هيكلته بحيث يستعيد دوره الطبيعي في حماية المواطنين واحترام حقوقهم لكن المجلس العسكري أصر على الابقاء على جهاز الشرطة كما هو بنفس قياداته التى تنتمى الى نظام مبارك .. وفي وسط هذا الواقع المؤسف للشرطة ظهر في الأسبوع الماضى عشرات الضباط الذين أعلنوا أنهم سوف يطلقون اللحي عملا بالسنة النبوية ولما أخبرتهم وزارة الداخلية أن حلق اللحية من القواعد المستقرة في الشرطة منذ انشائها .. ثاروا بشدة وأكدوا أنهم مصرون على حقهم في أن يكونوا ضباطا ملتحين.

المشكلة هنا ليست في اطلاق اللحية أو حلقها .. الغريب والمؤسف أن هؤلاء الضباط قد شهدوا بأعينهم وربما اشتركوا بأنفسهم في ارتكاب جرائم بشعة ضد المواطنين .. ألم يشاهدوا كيف قتل زملاؤهم المتظاهرين و كيف يتم تعذيب الأبرياء قي الأقسام ومقرات أمن الدولة .؟!.

لم نسمع هؤلاء الضباط الأتقياء قط يعترضون على هذه الجرائم لكنهم يعلنون الآن معركتهم المقدسة من أجل اطلاق اللحي وكأن الدين قد وقف عند المظهر دون الجوهر .



في مصر آلاف المساجد وهي دائما والحمدلله عامرة بملايين المصلين لدرجة أنهم كثيرا ما يفترشون الأرض خارج المساجد ويؤدون الصلاة في الشوارع ..

السؤال هنا : هذا الحرص الجميل على أداء الفرائض هل ينعكس على سلوك المصريين ومعاملاتهم ..؟!. الاجابة كثيرا ما تكون بالنفي .

هناك مصريون كثيرون يتمسكون بمظاهر الدين ويحرصون على أداء الصلوات لكنهم في تعاملهم اليومي مع الآخرين بعيدون عن الصدق والأمانة.


ان الانفصال بين العقيدة والسلوك ، اذا حدث لبعض الأفراد فاننا نعتبرهم منافقين لكنه اذا أصاب قطاعات كبيرة من المجتمع فانه عندئذ يشكل ظاهرة اجتماعية لابد من دراستها ..

ان هؤلاء المتدينين الذين يحرصون على الشكل دون الجوهر ليسوا بالضرورة منافقين أو أشرارا لكنهم ببساطة يطبقون الدين كما فهموه وتعلموه ..ان القراءة الرائجة للدين الآن في مصر تقدم الشكل على الجوهر وتهتم بالعبادات أكثر بكثير من السلوك ..

هذه الطبعة من الاسلام ليست مصرية في الواقع .. ان التدين المصري الحقيقي الصادق المعتدل قد انسحب أمام الاسلام الوهابي القادم من المملكة السعودية ودول الخليج .. على مدى ثلاثين عاما تم استعمال أموال النفط الوفيرة من اجل اغراق مصر بالافكار الوهابية وهذا الدعم للمذهب الوهابي غرضه سياسي بالأساس حيث أن نظام الحكم السعودي يعتمد على تحالف بين الأسرة المالكة ومشايخ الوهابية وبالتالي فان انتشار المذهب الوهابي يدعم النظام السياسي في تلك البلاد ..في نفس الوقت هاجر ملايين المصريين الى الخليج بحثا عن الرزق ثم عادوا الى مصر وقد تشبعوا بالأفكار الوهابية . يذهب المصري هناك فيرى مجتمعا مختلفا عن مصر : الاختلاط بين الرجال والنساء ممنوع تماما لكن جرائم التحرش الجنسي والاغتصاب تسجل واحدا من أعلى المعدلات في العالم ..

الخمر ممنوع تماما لكن كثيرين يسكرون سرا .

القانون لايطبق أبدا على الأمراء فهؤلاء يفعلون مابدا لهم وهم مطمئنون تماما لافلاتهم من العقاب . يتعلم المصري هناك أن أداء الصلاة في أوقاتها ليس اختياريا كما هو في مصر بل هو واجب اجبارى اذا تخلف عن أدائه فان الشرطة قد تقبض عليه وتؤذيه ويتعلم أنه اذا كان يمشي في الشارع مع زوجته فانكشف شعر رأسها رغما عنها فسوف ينقض عليها شرطى ليضربها بالعصا لتغطي رأسها ..

بالرغم من هذا التشدد في المظهر والعبادات فان مصريين كثيرين تسرق حقوقهم المالية عيانا جهارا بواسطة الكفيل الخليجي واذا تقدم المصري بشكوى الى القضاء فانه نادرا ما يحصل على حقه لأن القضاء هناك عادة ما ينصر أهل البلد على الوافدين ...

هنا أصل الظاهرة : ان الانفصال بين العقيدة والسلوك مرض اجتماعي وفد علينا من بلاد النفط وانتشر كالوباء كما أنه للأسف انتقل أيضا الى جماعات الاسلام السياسي ....

عندما قامت الثورة المصرية لم يشترك فيها معظم المنتمين الى تيار الاسلام السياسي : الاخوان المسلمون أعلنوا أنهم لن يشتركوا في المظاهرات لكنهم انضموا الى الثوار بعد انسحاب الشرطة (وللانصاف فقد لعب شباب الاخوان دورا عظيما في الدفاع عن المتظاهرين في موقعة الجمل ) ..

أما السلفيون
( وعددهم أكبر من الاخوان ) فقد وقفوا ضد الثورة بكل وضوح .. أفتى مشايخهم في مصر والسعودية بأن المظاهرات حرام وان طاعة الحاكم المسلم ( وان كان ظالما ) واجبة على المسلمين وأكدوا أن الديمقراطية حرام لأنها تنادي بحكم الشعب للشعب بينما هم يؤمنون بأن الحكم لله وحده وليس للبشر.. . فلما نجحت الثورة في خلع حسني مبارك وجدنا السلفيين يغيرون من معتقداتهم فجأة فيشكلون الأحزاب ويشتركون في الديمقراطية التى كانت حراما منذ أيام قليلة ..

عقد الاخوان والسلفيون مع المجلس العسكري صفقة يساعدهم بموجبها على السيطرة على البرلمان مقابل أن يساعدوه على الاستمرار في الحكم من خلف الستار .. وضع المجلس العسكري لوائح الانتخابات لصالح الاخوان والسلفيين وتغاضت اللجنة العليا الانتخابات عن كل المخالفات التى ارتكبوها ..هنا نجد أنفسنا أمام نفس الظاهرة ..

فالمسلمون المتشددون الذين يغضبون اذا فاتتهم صلاة الجماعة أو رأوا امراة متبرجة لم يجدوا أية غضاضة في استغلال فقر الناخبين وشراء ارادتهم بالزيت والسكر واللحم ..

في النهاية حصل الاخوان والسلفيون على أغلبية المقاعد في مجلس الشعب بموجب انتخابات قد تكون غير مزورة لكنها بالتأكيد لم تكن عادلة . بالرغم من تحفظنا على الانتخابات فقد دعونا الى دعم البرلمان باعتباره في النهاية الهيئة الوحيدة المنتخبة التى نتوقع منها أن تحمى الثورة وتحقق أهدافها .. لكن يوما بعد يوم نكتشف أن البرلمان عاجز عن مواجهة المجلس العسكري وأن أمامه خطوط حمراء لا يجرؤ على الاقتراب منها .

لقد تجاهل النواب مسئولية المجلس العسكري عن المذابح العديدة التى راح ضحيتها مئات الشهداء وآلاف المصابين ولم يفعلوا أى شيء جدى لمحاسبة المسئولين عنها . تحول مجلس الشعب الى منصة للخطابة ، مجرد مكلمة لا تؤدي الى أى قرار مفيد أو مؤثر و لقد رأينا النواب يشغبون و يستأسدون على وزير التموين لأن الهجوم عليه لا يكلفهم شيئا لكنهم يحترسون تماما اذا جاء ذكر المجلس العسكري ولا يتفوهون بكلمة ضده .

ان الانفصال بين مظهر الدين وجوهره قد استمر في البرلمان فالأعضاء الذين تقاعسوا عن الدفاع عن الحق انشغلوا بأمور عجيبة : لقد رفض بعضهم أن يقسموا على احترام الدستور الا اذا أضافوا كلمة شرع الله الى القسم ( كأن الدستور سيكتبه كفار قريش ) وبينما أفراد الشرطة يصطادون المتظاهرين بالخرطوش والرصاص الحي في الشوارع فوجئنا بأحد أعضاء المجلس الموقر يقوم برفع الأذان أثناء انعقاد الجلسة مما أسفر عن مناقشات مطولة عن جواز رفع الأذان شرعا تحت قبة البرلمان ..


قضية أخرى غريبة حدثت عندما تكلم أحد النواب فاستعمل تعبيرا مجازيا قائلا " ليست هذه حكومة من الملائكة " عندئذ ثار النواب بشدة لأنه في رأيهم لايجوز أبدا استعمال كلمة الملائكة في أى تشبيه . ..

ان المجلس العسكري بعد ما نجح في تشكيل برلمان مطيع ومهادن يستعد الآن لتنفيذ خطوة أخرى في مخططه للسيطرة على الحكم . فهو يبحث بمساعدة الاخوان والسلفيين عن رئيس توافقي يكون تحت سيطرته الكاملة ويستطيع أن يفرضه على الشعب المصري بنفس الطريقة التى استعملها في الانتخابات . لقد أصدر المجلس العسكري مرسوما بقانون للانتخابات لا مثيل له في العالم ، تم بموجبه تشكيل لجنة عليا لا يجوز الطعن على قراراتها بأى شكل من الأشكال .. فاذا رأيت أيها المواطن بعينيك تزوير الانتخابات في دائرتك واستطعت أن تصور وقائع التزوير وتقدمت بالدليل الى اللجنة العليا فقالت انه لايوجد تزوير سيسقط حقك الى الأبد لأن كلمة اللجنة نهائية لاراد لها ولا يجوز الاعتراض عليها . ..

ان هذا التحصين القانوني الغريب للجنة العليا ينزع عن المصريين حقهم الطبيعي الاصيل في التظلم والطعن على القرارات الادارية ، على أن الاخوة الملتزمين دينيا من أعضاء البرلمان لايجدون في كل هذا ما يستحق الاعتراض بل هم يشاركون المجلس العسكري في تهيئة الجو من أجل احكام سيطرته على حكم مصر ..

ان الدين الصحيح يلزمنا بالدفاع عن القيم الانسانية : الحق والعدل والحرية ..هذا جوهر الدين وهو أهم بكثير من اطلاق اللحية ورفع الأذان تحت قبة البرلمان . ..
. . الديمقراطية هي الحل 

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مرفوع من الخدمة
تصميم : يعقوب رضا