الحج مسؤولية كل حاج: معلومة كان يجب أن يعرفها الجميع قبل بداية رحلة الحج
الحجاج المصريون ينفقون ما يفوق دخل السياحة المصرية ويجب أن يحصلوا على خدمات أفضل
نعم يجب أن يعامل حجاج مصر بمنطق الزبون دائما على حق
بداية الأمر لا يحتمل تعليقات من نوعية : أسكنهم الله فسيح جناته ، هنيئا لهم الموت في الأراضي المقدسة ومثل تلك التعليقات التى لا يمكن أن تفهم منها سوى أن صاحبها يائس من حياته ويبحث عن أي شئ خارج حدود الدنيا لأنه جرب كل شئ وفي النهاية قرر إنتظار مال قارون وحور العين والطعام الذي لا ينتهى والخمر الذي لا ينضب لكن في الآخرة لأن دنياه قررت أن تحيل كل مشاكله إلى العالم الآخر لعله يكون أكثر رحمة من عالمه الحالي
وحتى لا نسير في ركاب مرددي الموت علينا حق ، ووحدوه وكل ما يمكن أن يجعلنا ننسى أن لنا مواطنين تلقى حتفها في الخارج سواء نتيجة لإهمال عانوه في الخارج أو بسبب ظروف معيشية لا تحتمل أو حتى بسبب أن القائمين على أمر الحج تركوا مواطنين مصريين لا يسمح لهم سنهم ولا حالتهم الصحية الإنغماس في رحلة سفر مرهقة يقضونها في أتوبيس ثم عبارة ثم أتوبيس ثم خيام المبيت وفي النهاية لديهم تلك الكلمة السحرية التى يظنون أنهم يخرسون بها الألسنة: الموت علينا حق
نعم الموت هو أكثر الحقائق واقعية لكن الحياة أيضا تستحق منا بعض الإهتمام وما حدث هذا العام في الحج كان لابد من أن يستوقفنا فإما أن يسافر حجاجنا في أمان وراحة وإما فعليهم الإنتظار إلى أن توفر السلطات المسؤولة ما يجب أن توفره بحكم عملها سواء كانت السلطات المصرية أو السعودية
والسلطات السعودية التى تضع المصريين كل عام أمام محنة الحصول على تأشيرة دون النظر إلى أن هذا الحاج يمد الإقتصاد السعودي بدخل تحتاجه السعودية بالفعل وهي هنا لا تمن علينا بالتأشيرة ولا بالخدمات التى تقدمها لكنها تحمي موردا اقتصاديا هاما لها ومن يعلم أن دخل مصر من السياحة يذهب تماما وربما أكثر منه في إتجاه الأراضي المقدسة في رحلة الحج كل عام وما يسبقها من رحلات العمرة يجب أن يفكر : على الأقل يجب أن يعامل الحاج كعميل وسائح وعلى طريقة (الزبون دائما على حق) وبالفعل الحاج صاحب حق على السلطات السعودية والمصرية وبالتأكيد هذا الحق ليس حقه في الدفن في الأراضي السعودية لكننا نتحدث عن حقه في الحياة
رحلة الحج هذا العام كانت تنذر بما سيحدث فيها بداية من اعلانات رسمية عن أن بعثة حج القرعة تحاول تسكين الحجاج بمنى كما لو كانت قد فوجئت بأن الحجاج وصلوا أو كما لو كان الحجاج قد هرعوا الى الحج دون أن يخبروا أحدا والمفروض منا أن نشكرها لأنها تحاول أن تسكنهم ونفهم أنه على بعثة الحج أن تحاول ونعذرها لأنه ليس عليها إدراك النجاح ونقبل بما تستطيع فعله
الأكثر ملهاة أن تطالعنا جرائدنا الرسمية وهي دائما تطالعنا بأخبار تصلح لباب صدق أو لا تصدق حول نجاح بعثة الحج في تأجير مخيم (ستراتيجي) في شارع الملك عبد الله
أما لماذا المخيم (سترتيجي) فلأنه هو الشارع الوحيد المسموح بسير السيارات داخله ولأنهم نجحوا في تأجير 120 خيمة...نعم نحن نتحدث عن خيام للإقامة في القرن الواحد والعشرين سيقيم بها حجاج يصل عمر بعضهم إلى سبعين عاما أو اكثر
ماذا حدث بعد ذلك؟ ببساطة تقدم عدد من الحجاج ببلاغ للسلطات السعودية يتهمون فيه أحد المطوفين بعدم توفيره مكان إقامة لهم وأنهم عندما ذهبوا للمطوف يطالبونه بتقديم ما قبض ثمنه طردهم
السلطات السعودية يمكن أن نعذرها فهي مشغولة للغاية بتصوير إعلانات جذابة تعرضها تليفزيونيا وتطلب فيها من الحجاج عدم المبيت على الأرض والإلتزام بالقانون وغسل اليد قبل الأكل وبعده ، ثم أن المطوف مواطن سعودي الحجاج مصريين والسلطات يبدو أنها تتعامل بمنطق انصر أخاك ظالما أو مظلوما
النتيجة الطبيعة بعد ذلك أن عدد الوفيات بين الحجاج المصريين – ولا أدري لماذا دائما تكون الوفيات بين المصريين – أصبحت 11 حالة وفاة لكن مساعد وزير الخارجية للشئون القنصلية يزف إلينا خبرا يتخيل أننا يجب أن نتلقاه بالحبور والفرح والزغاريد: لقد تم دفنهم جميعا في الأراضي المقدسة
هكذا وكما لو كان الدفن في الأراضي المقدسة سيعيد المتوفي للحياة يجب أن نصمت لكننا لن نصمت فما نخرجه من عملة صعبة كل عام في رحلة الحج ونمول به الإقتصاد السعودي يجب أن يكون مردوده أكثر جودة من هذا ويجب أن تمارس مصر ضغوطا من أجل رعاية أفضل لمواطنيها ويكفي أن عدد رحلات الطيران التى أعلنت عنها مصر للطيران لعودة الحجاجة 737 رحلة بمعنى أن مطارات السعودية ستستقب 737 رحلة طيران بكل ما يعنى ذلك من رسوم هبوط ومغادرة ومصاريف تموين طائرات ووقود وما إلى ذلك إلى جانب مصاريف إيواء الطائرات وهو كما ترى موردا كبيرا نقدمه صاغرين وفي النهاية نرضى بمعاملة أقل ما توصف به أنها مهينة لأننا ارتضيناها وكل من يمس موضوع الحج ولو بكلمة يمكن أن يواجه تهم ليس أقلها التكفير فنحن نتحدث عن مورد لا ينضب نضوب البترول ولا تنخفض أسعاره ولا يخضع لقانون العرض والطلب
أما ما يثير الحنق والتعجب معا فهو ما صرح به الطيار علاء عاشور رئيس شركة مصر للطيران للخطوط الجوية: الطيار علاء عاشور يطلب من الحجاج الإلتزام بمواعيد السفر المقررة لأنه اتفق مع السلطات السعودية على عدم السماح للحاج بدخول المطار إلا عندما يحين موعد سفره بمعنى أن الحاج الذي يصل مبكرا عن موعد رحلته عليه أن يقضي وقته في شمس السعودية الحارقة إلى أن يحين دوره فمطارات السعودية لن تسمح للحاج بدخولها ولو اتقاءا للشمس والحرارة إلا قبل المواعيد المقررة لدخول الحاج والمناسبة لإنهاء إجراءات السفر ...مزيدا من التوضيح فلو كنت أحد الحجاج وطائرتك موعد اقلاعها السابعة ووصلت في الرابعة فعلى الأغلب عليك قضاء حوالي ساعتين تستمتع فيهما بشمس السعودية وجمال جوها إلى أن يسمح لك بالدخول للمغادرة
المصريين يحتاجون ويستحقون ما هو أفضل من ذلك ، والمصريون لا يحجون على نفقة المملكة ولا على نفقة المحسنين وأهل الخير وهم أكثر حجاج العالم عددا وبدونهم يصبح الأمر لا معنى له لذلك يجب أن نتعامل مع الأمر بمنطق السوق فنحن ندفع لنحصل على خدمات من حقنا وليست إحسانا ولا تعطفا بداية من سفارة السعودية وقنصليتها إلى عسكرى الشرطة على أرض السعودية : الحاج المصري ينفق من جيبه الخاص ولا يطلب منكم عطفا ولا إحسانا فإن كان غير مرغوب فيه فعدة من أيام أخر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق