لماذا قتل الإخوان المسلمين مرشدهم حسن البنا
البنا تحالف مع الإنجليز ضد الملك ثم تحالف مع الملك ضد الوزارة ومع الوفد ضد الجميع
هل كانت تفجيرات الإخوان للمصالح اليهودية في مصر بإيعاز من المنظمة الصهيونية؟
البنا أسس الإخوان المسلمين فقتلوه والسادات أعادهم للحياة فإغتالوه
إذا كان رأي البنا في جماعته أنهم ليسوا إخوانا ولا مسلمين فماذا يجب أن يكون رأينا؟
هكذا قدم نفسه للجماهير |
السؤال معناه أننا قد حددنا الفاعل والفاعل هنا هو من يحاول الإخوان عبر تاريخهم نفي التهمة عنه ...يلصقونها بالحكومة أحيانا وبمعارضيهم أحيانا أخرى لكنهم في كل الأحيان ينفون التهمة عن الفاعل الحقيقي ..عن أنفسهم
ونفي الإخوان لعملية إغتيالهم لمرشدهم حسن البنا تتفق تماما مع النفسية التى تحكم تصرفاتهم فهم وفق تاريخ طويل من العمل الإرهابي العنيف والمنظم وفقا لنفس القواعد التى قامت عليها الحركات الفاشية التى سيطرت على القارة الأوروبية في فترة الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي لكن الإخوان ووفقا لرؤية حسن البنا مؤسس الجماعة ومرشدها لم ينظروا لقومية متطرفة ولا لعرقية محددة لكنهم جعلوا الباب مفتوحا أمام جمهور أوسع أراد حسن البنا أن يجعلهم من مريديه وأتباعه عن طريق الكلمة السحرية التى أدمنها (صحيح الدين)
أحيانا بالطبع ينقلب السحر على الساحر والحركات الدينية تحديدا هي نوع من السحر معروف بإنقلابه الدائم على الساحر وربما تكون تجربتهم مع السادات الذي أعادهم من موات طويل إلى الحياة هي أقرب تجربة إلى الأذهان لكن حادثة قتلهم لحسن البنا التى يصرون على إنكارها كانت الأولى كما أنها كانت تقرير واقع حول أن الجماعة تشبه الطريق أحادي الإتجاه يمكنك أن تدخل فيه لكن لا طريق للخروج سوى عن طريق عزرائيل
الإخوان المسلمين حتى في ظل مرشدهم القتيل الذي أسس لمنهج العنف في الجماعة قبل أن ينظر له منظرهم (القتيل أيضا) سيد قطب لم يتركوا شيئا يخص القدرة على إستخدام العنف إلا وفعلوه بداية من حوادث الحرق والقتل وقمع معارضيهم والإحتكاكات الطلابية التى كانت تننتهى بحوادث إجرامية وليس إنتهاء بتحين دائم لفرص القفز على حكم مصر
الزمان يناير 1948
حسن البنا كان مولعا بتنظيماته العسكرية |
بوليس مصر (كما كانت تسميته في هذا الوقت) يعلن إكتشافه مجموعة من الشبان تتدرب سراً على السلاح في منطقة جبل المقطم، وأنه بمداهمة المجموعة التي قاومت لبعض الوقت ضبط البوليس 165 قنبلة و مجموعة متنوعة من الأسلحة
زعيم المجموعة أو أميرها بلغة الإخوان سيد فايز (أحد القادة الأساسيين للجهاز السري) برر الأمر بأن السلاح يجري تجميعه من أجل فلسطين وإن الشباب يتدرب من أجل فلسطين.
بالطبع دائما لدي الإخوان بعض العبارات والتبريرات التى يمكن أن تلقى شعبية عندما يتعرضون لأي ضغط وكان التبرير الذي يوافق الهوى وقتها هو كلمة سحرية سيطرت على أذهان البسطاء ستسيطر بعد ذلك على عقلية شعب كامل إختار أن يقدم كل شئ لنصرة قضية لا تخصه وكانت هذه الكلمة السحرية (فلسطين)
الزمان 22 مارس 1948
أي بعد حوالي شهرين من ضبط المجموعة الأولي يقتل أحد أعضاء الإخوان المسلمين المستشار أحمد بك الخازندار بعد إصداره حكما على أحد أعضاء الإخوان المتهمين بالهجوم على أحد الملاهي الليلة (وهي العمليات التى كان ينظر لها حسن البنا على أنها جهادية ثم ينكر صلته بها محاولا إلصاقها بمصر الفتاة )
وكما كانت عملية الهجوم على الملهي من وحي أفكار مرشد الجماعة حسن البنا كان الأمر بإغتيال الخازندار أيضا من وحي أفكار حسن البنا الذي أنكر أنه أصدر أمرا صريحا بذلك تاركا للجميع حرية التفكير في أن أعضاء الجهاز السري للإخوان أساءوا تفسير أوامره وتوجيهاته
ورغم مسؤولية حسن البنا الواضحة عن العملية لكن البوليس المصري فشل في ربطه بها بدليل قاطع فأفرج عن حسن البنا بعد إعتقاله بوقت قصير ليعود مرة أخري لممارسة مزيدا من العنف ضد الجميع
الزمان 20 يونيو 1948
فجأة تشتعل النيران في العديد من المنازل بحارة اليهود ويتحدث شهود عيان عن بعض الأحداث التى تربط أعضاء من الإخوان بعمليات الحرق لكن الحقيقة تستعصي على محاولات الوصول إليها خاصة أنه كانت لدي كثير من السياسيين قناعة بأن المنظمة الصهيونية المكلفة بتهجير اليهود من مصر هي من كان يقف وراء الحادث لدفع يهود مصر على طريق الهجرة إلى إسرائيل ، وسواء كانت القضية مجرد عمليه طائشة لحسن البنا أم كانت تكليف مباشر صدر له من المنظمة الصهيونية ولو عن طريق وسيط (حدثت أمور تشبه ذلك كثيرا في علاقته بالإنجليز في مصر) فإن العملية أثارت الذعر بين أوساط اليهود المصريين لكنها كادت أن تمر لولا أن حدث بعدها ما جعل الأمر يبدو أنه لن يتوقف وأن الحادث حلقة في سلسلة مخطط لها جيدا وهناك إصرار على تنفيذها حتى النهاية
الزمان 19 يوليو 1948
تفجير كبير يطيح بمحلي شيكوريل وأركو المملوكان لرجال أعمال يهود وكان من جراء ذلك أن بدأ عدد كبير من رجال المال اليهود يسعون لإخراج أموالهم من مصر وتصفية أعمالهم وأصولهم الثابتة على وجه السرعة
الزمان الأول من أغسطس 1948
تتوالي الإنفجارات في مصر وتشمل إلى جانب العديد من المصالح اليهودية محلات بنزايون وجاتينيو وشركة الدلتا وماركوني
الزمان 22 سبتمبر 1948
إنفجار عنيف في مبنى شركة الإعلانات الشرقية (مازالت موجودة الى اليوم تحت إدارة جديدة بعد أن أممها عبد الناصر ضمن ما أمم) إلى جانب عدد من المنازل بحارة اليهود
الزمان 15 نوفمبر 1948
محمود الصباغ عضو قيادة التنظيم الخاص وأحد المتهمين في قضية السيارة الجيب |
تلعب الصدفة دورها ويسقط في يد البوليس سيارة جيب خاصة بالإخوان و32 من من كوادر الجهاز السري إلى جانب وثائق وأرشيف التنظيم السري للاخوان بالكامل وعلى الفور يسافر البنا إلى السعودية متعللا بأداء الحج وهربا من إحتمال القبض عليه لكنه فور عودته قبض عليه بالفعل بتهمة مسؤوليته المباشرة عن حادث نسف شكرة الإعلانات الشرقية
حسن البنا والإخوان بعد حرب فلسطين
بعد حرب فلسطين ظهرت بوادر التناقض في شخصية حسن البنا واضحة إلى أقصي حد وهو التناقض الذي سيكلفة حياته فقد عمت حالة من السخط الشعب المصري بالكامل نتيجة للشروط التى قبلت بها الحكومة للخروج من حرب فلسطين إلى جانب الهزيمة من الجيش الإسرائيلي الذي كان الجميع يظنه مجرد مجموعة من العصابات وكان على البنا أن يختار بين الحفاظ على مكانته وسط جماعته التى أسسها وبين تعريض نفسه للخطر ويبدو أنه وجد أن لديه حلا وسط فالجميع يتظاهر والجميع يسب الحكومة ليل نهار ولن يكون هناك فارقا بين أن يتظاهرالإخوان أيضا ولو حفاظا على مكانتهم خاصة في قضية راهنوا عليها وبرروا سلاحهم وتدريباته من خلالها
المكان فناء كلية طب قصر العينى
كانت كلية طب قصر العينى أحد مراكز النفوذ الإخواني الواضحة ولذلك كانت المظاهرات التى تخرج من هناك لا تحتاج إلى كثير من الفطنة ليدرك القائمين على الأمن أن الإخوان ورائها خاصة أن هتافاتهم واضحة لكن الجديد أن قوات البوليس قررت فض مظاهراتهم بالقوة وعلى الفور استخدم طلبة الإخوان ما تدربوا طويلا على استخدامه ...المتفجرات
الحظ العاثر أو القدر كان وراء ما حدث فقد أصابت إحدى قنابل الإخوان حكمدار العاصمة سليم زكي الذي لقى حتفه على الفور ورغم بشاعة الحادث إلا أن الحكومة التى كانت تفرض الأحكام العرفية اكتفت فقط بإيقاف صحيفة جماعة الإخوانا المسلمين
حل الإخوان
حسن البنا أدرك أن هناك عاصفة في الأفق وأن العاصفة ستطاله بكل تأكيد فأدار مجموعة من المحاولات للتفاوض مع الحكومة ومع القصر عارضا على كل منهم أن يكون عونا له على الآخر وفي النهاية إرتاح بعض الشئ إلى نتيجة محاولاته لكنه فوجئ بعد أن أكد لأعضاء جماعته أنه استطاع إنقاذ الموقف بحكمته بإذاعة قرار مجلس الوزراء بحل جماعة الإخوان المسلمين
يبدو أن إذاعة قرار الحل كان هو لحظة الصفر لتبدأ قوات البوليس المفجوعة بموت قائدها تحركها ضد الإخوان فبينما بدأ الإخوان الموجودين في المركز العام للإخوان في الخروج كل يبحث عن مكان يأويه خلال قادم الأيام وجدوا أنفسهم محاصرين بقوات البوليس التى اقتحمت المركز العام وألقت القبض على كل من كان فيه عدا حسن البنا
حسن البنا كان قد جرب التفاوض وعرض خدماته على الجميع وبإستنفاذ كل الخيارات المتاحة له لم يعد أمامه سوى اللجوء إلى السلاح الأخير ...الجهاز السري للإخوان
الهدف كان واضحا فقد كان النقراشي باشا مصرا على تصفية الإخوان وإجبار البنا على تجرع الكأس حتى الثمالة وحسن البنا المفتون بنفسه كثيرا كان حائرا بين محاولات التفاوض الفاشلة وبين اللجوء إلى الخيار شمشون
المشكلة الحقيقية أن التنظيم العنقودي للتنظيم السري يجعل من أفراد التنظيم السري شبكة معقدة تحتاج مجموعة من الإتصالات لتنفيذ الأمر الصادر لها من حسن البنا والجهاز السري كان قد تعرض بعد حادث السيارة الجيب إلى ضربة موجعة قطعت خطوط الإتصال المعروفة بينه وبين مرشد الجماعة حسن البنا لكن في النهاية يبدو أن حسن البنا وجد طريقة للإتصال بجهازه السري ففي 28 ديسمبر قام أحد أعضاء الجهاز السري للإخوان بإطلاق الرصاص على محمود فهمى النقراشي باشا عدو حسن البنا والإخوان الأول
لم يكن هناك شك أن إغتيال النقراشي أحد أعمال الإخوان ومرشدهم بل وتنظيمهم السري لذلك وفور تولي إبراهيم عبد الهادي رئاسة الوزراء كان مازال يدوى في أذنه هتافات ترددت في جنازة النقراشي: الموت لحسن البنا
موجة من العنف والعنف المضاد فعل فيها إبراهيم عبد الهادي ما لم يفعله أحدا جريا وراء تصفية الإخوان المسلمين الذين وصل عدد معتقليهم إلى 4000 معتقل عدا حسن البنا الذي وجد إبراهيم عبد الهادي أن من الأنسب للجميع أن يتركه خارج السجن بعيدا عن رجاله فقد كان إبراهيم عبد الهادي من واقع تجارب سابقة مع حسن البنا يدرك أو يتوقع أن يضحي حسن البنا بالجماعة تماما من أجل سلامته الشخصية وهو ما حدث بالفعل عندما أصدر حسن البنا بيانه الشهير الذي استنكر فيه ما قام به الإخوان وهو البيان المعروف بعنوان(بيان للناس)
محاولة البنا النجاة بنفسه وبياناته لإدانة الإخوان
خلال تلك الفترة التى شددت فيها أجهزة الأمن قبضتها على الإخوان تمخض الجهاز السري عن واحدة من عملياته الأخيرة قبل أن يقتل المرشد العام شخصيا فقد حاول أحد أعضاء الجهازالسري تفجير محكمة إستئناف مصر التى يوجد بها أوراق قضية الإخوان ممنيا نفسه بضياع أوراق القضية لكن القنبلة انفجرت في الطريق العام ومات عديد من الضحايا وأصبح على البنا أن يواجه غضب حكومي لا يتراجع فكان أن أصدر بيانه الثاني الذي يعد توقيعا منه على شهادة وفاته من حيث أراد أن تكون بوابة نجاته
حسن البنا حاول مرة أخرى أن يقدم أخر خدماته للجميع ولكن الجميع كان يرفض خدماته ولم يجد أمامه في محاولته للنجاة سوى إصدار بيان شديد اللهجة يدين فيه الإخوان القائمين بالعمليات الأخيرة بعنوان مثير للدهشة: ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين
حسن البنا لم يدع مجالا للحكومة للشك في كونه محاولا الفرار من عقاب في الطريق ولو على جثة جماعة الإخوان بالكامل فقد قال في البيان ما نصه: "وقع هذا الحادث الجديد، حادث محاولة نسف مكتب سعادة النائب العام، وذكرت الجرائد أن مرتكبه كان من الإخوان المسلمين فشعرت بأن من الواجب أن أعلن أن مرتكب هذا الجرم الفظيع وأمثاله من الجرائم لا يمكن أن يكون من الإخوان ولا ن المسلمين"، وليعلم أولئك الصغار من العابثين أن خطابات التهديد التي يبعثون بها إلى كبار الرجال وغيرهم لن تزيد أحداً منهم إلا شعوراً بواجبه وحرصاً تاماً على أدائه، فليقلعوا عن هذه السفاسف ولينصرفوا إلى خدمة بلادهم كل في حدود عمله، إن كانوا يستطيعون عمل شيء نافع مفيد، وإني لأعلن أنني منذ اليوم سأعتبر أي حادث من هذه الحوادث يقع من أي فرد سبق له اتصال بجماعة الإخوان موجهاً إلى شخصي ولا يسعني إزاءه إلا أن أقدم نفسي للقصاص وأطلب إلى جهات الاختصاص تجريدي من جنسيتي المصرية التي لا يستحقها إلا الشرفاء الأبرياء، فليتدبر ذلك من يسمعون ويطيعون، وسيكشف التحقيق عن الأصيل والدخيل، ولله عاقبة الأمور".
بعد صدور هذا البيان بدأت رسائل التهديد وفض البيعة تصل إلى حسن البنا من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين سواء من بقى خارج السجون أو من استقر به الأمر داخلها لكن أكثر ما كان يثير رعب حسن البنا هو صنيعته : الجهاز السري
قائد الجهاز السري للإخوان وهو عبد الرحمن السندي الذي تحمل تنكر حسن البنا له وإنكاره أنه وجه له أمرا مباشرا بتصفيه الخازندار كان مازال يدين بالولاء للبنا لكنه بعد البيان قرر تصفية حسن البنا مرشد الجماعة ومؤسسها
ظل حسن البنا بعد صدور بيانه الأخير ينتظر من حكومة إبراهيم عبد الهادي أن تضع حراسة عليه أو تخرجه خارج البلاد إلى حيث يمكن أن يعيش في المملكة السعودية التى دعمته طويلا لكن إبراهيم عبد الهادي كان كمن يضرب عصفورين بحجر فحسن البنا مزق الجماعة والجماعة وتنظيمها السري سيتكفلون بأمره لذلك لم يقدم إبراهيم عبد الهادي أي نوع من الحماية لحسن البنا الذي أصبح لا يخشى إلى من صنيعته ...الإخوان وتنظيمها السري
وبالفعل لم يدم به الأمر طويلا قبل أن تنطلق رصاصات محكمة موجهة إلى صدر حسن البنا وهو يهم بركوب إحدى سيارات الأجرة مع مرافقية منهية أسطورة حسن البنا الذي يعلم الجميع أنه منح جماعة الإخوان حياتها ومنحته في المقابل مماته كعادة كل التنظيمات المماثلة على مر العصور
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق