سر وحدة السدود الغامضة في السودان
دولة الجنوب ستطالب بحصتها في المياة
السد العالي لن يفي بإحتياجات مصر قريبا
أخطر جهاز حاليا في السودان هو "وحدة السدود" هذا الجهاز الغامض الذي يديره رجل يتمتع بقوة ونفوذ كبير وهو " أسامة عبدالله" الذي يتمتع بصلاحيات تساوي صلاحيات الوزير، ومن المثير أن " وحدة تنفيذ السدود" هيئة لا تتبع وزارة الري السودانية بل تتبع القيادة السياسية رأسا، لذا كانت علاقة أسامة عبدالله بالبشير واضحة للجميع خاصة بعدما استطاع اسامة عبدالله الحصول علي مزايا لا يحصل عليها الوزراء في السودان، مثل تكوين قوات خاصة تشرف علي عملية إقامة السدود ولدي هذه القوات صلاحيات واسعة مثل اعتقال من تريد وقتل من تريد، كما حدث أثناء المظاهرة التي أقامها الأهالي ضد بناء سد " كجبار" وقتل فيها أربعة من الشباب اثناء مظاهرة نظموها للتنديد ببناء هذا السد علي أراضيهم دون الحصول علي أي تعويضات.
السودان كانت تصرف لمصر الجزء الباقي من حصتها في المياه والتي تقدر بـ18.5 مليار متر مكعب سنويا حسب اتفاقية 1959 التي وقعت بين مصر والسودان. علي الرغم من أن حصة مصر من مياه النيل تتجاوز حصة السودان بمراحل حيث تصل الي 55,5 مليار متر مكعب من المياه، وعلي الرغم من أن مساحة السودان تفوق مساحة مصر، إلا أن المشروعات الموجودة في مصر تستخدم كمية مياه تفوق الحصة الرسمية المحددة لنا، وبالتالي كنا نحتاج إلي كميات المياه الزائدة التي تمنحها السودان والتي قدرها الخبراء بأنها من 7 إلي 8 مليارات متر مكعب من المياه.
لكن فجأة ظهرت مشروعات استصلاح أراض زراعية تقدر بمئات الآلاف من الأفدنة و أصبح على الدولة توفير المياه اللازمة لاستصلاح كل هذه الأراضي
هكذا قررت القيادة السودانية إنشاء وحدة السدود تخرج عن سلطات وزارة الري السودانية واختارت لها رجلاً يتمتع بنفوذ وسجل حافل من الانجازات لدي نظام البشير، والذي لم يبخل علي أسامة عبدالله في منحه صلاحيات دولية عديدة يتحدث من خلالها في المؤتمرات الخاصة بالمياه، وعن طريق هذا الرجل القوي لدي نظام البشير، بدأت خطة السودان في بناء السدود العديدة في شمال السودان وبالتحديد في المنطقة المواجهة لبحيرة ناصر والسد العالي في أسوان.
بعد الاحتفال المبالغ فيه عند افتتاح سد مروي أعلن البشير أن الدولة وضعت خطة لبناء ثلاثة سدود في شمال السودان، اولها هو سد مروي، والآن يجري العمل علي قدم وساق لبناء سد " كجبار" والذي من المفترض بنائه علي بقايا النوبة القديمة في شمال السودان بعمالة صينية وهذا ما دفع عدداً كبيراً من سكان «كجبار» الي تنظيم مظاهرات متتالية ضد فكرة بناء السد في هذه المنطقة علي وجه التحديد لأن عملية البناء، سوف ينتج عنها تشريد البقية الباقية من سكان النوبة الذين شردهم بناء السد العالي في مصر في المرة الأولي، ثم شردهم بناء سد مروي والآن، يجري إزالة منطقة " كجبار" لبناء السد الجديد، وردا علي هذه الاحتجاجات، اعتقلت هيئة السدود مئات الشباب من سكان المنطقة، وقتل اربعة شباب في مجزرة لم ينسها سكان المنطقة
في نفس الوقت أكدت الدراسات أن القدرة التخزينية للسد العالي قد انخفضت بنسبة 40% بسبب الطمي المترسب خلف السد وهذه نسبة مرشحة للارتفاع إلي 60% خلال سنوات، وبالتالي يقل المخزون الاستراتيجي للمياه في مصر لعدة عوامل تأتي كلها جملة واحدة، الأول فيما يتعلق بحرمان مصر من مليارات المياه المنسابة من حصة السودان، والسبب الثاني يتعلق بضعف القدرة التخزينية لبحيرة ناصر، والسبب الثالث هو الأقوي والذي فجرته شخصية سياسية بارزة في وزارة الري بالخرطوم، حين قال لي إن هناك مشكلة تفوق قضية بناء السدود وحجزها مخزون السودان من المياه، وهي تأسيس دولة جنوب السودان بعد الاعتراف باستقلالها، وهذه الدولة من المفترض أن تحصل علي حصة مستقلة من المياه هي الآخري، ولن تتقاسم حصة السودان القليلة أصلا، وبالتالي سيعاد النظر في جميع حصص الدول الأعضاء من المياه بما فيها مصر. ولم يخف المسئولون السودانيون الجنوبيون، عن نيتهم في بناء السدود ايضا، عن طريق التعاون مع عدد كبير من الخبراء المتخصصين في بناء السودان وتأكدت الانباء عن زيارة لخبراء إسرائيليين لمنطقة الجنوب لدراسة إمكانية إنشاء سدود هناك للتحكم في كميات المياه المنسابة الي الخرطوم ومنها الي مصر.
الآن والآن فقط أصبحنا في لحظة الحقيقة فمصر تواجه الخطر من الشرق عبر بوابات حماس واسرائيل وكان ما ينقصها أن تواجه الأخطر وهو خطر يتجاوز كل ما واجهته من قبل فهو خطر العطش ونحن نطل على نهر النيل
كم كنا سذجا عندما اخترنا أم درمان للعب المباراة الفاصلة مع الجزائر فنحن قريبون بالجغرافيا من السودان لكننا بعيدين عنها بالإقتصاد والمصالح خاصة عندما نعرف أن الجزائريين أحد اكبر المستثمرين المحتملين للأراضي في السودان الان وان حجم تداولهم التجاري مع السودان اربع اضعاف حجم التداول المصري
كم كنا سذجا عندما تعاملنا مع السودان في الجنوب بإعتبارها (بواب) الجنوب الطيب في الوقت الذي يتحضر الموت من عنده للإنقضاض علينا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق