الأربعاء، 20 يناير 2010

سلسلة صراع السلطة في الخليج: سلطان عمان يستأذن القذافي ليتزوج والقذافي يصر على اختيار الزوجة




في سلطنة عمان تولت اسرة سعيد بن تيمور مقاليد حكم السلطنة منذ عام 1746، وقد
ظلت السلطة تنتقل من الاب الى الابن حتى عصر تيمور الذي عزله ابنه سعيد بالقوة عام 1932، وقد ظل حاكما على البلاد حتى عام 1970 فعزله ابنه قابوس كما فعل هو مع والده!!(كما تدين تدان)

ولا شك ان انقلاب قابوس على والده كان عقابا سماويا حل بوالده الذي انتهج هذا الاسلوب فتجرع من مرارة كأسه، وقد أثار هذا الانقلاب حفيظة والدته التي قاطعته طويلا احتجاجا على اسلوبه.
وفي سبتمبر 1974 واثناء رحلة السلطان قابوس للأستجمام الى منطقة جبيلة خضراء بألمانيا الغربية فكر السلطان قابوس في شراء فندقا ضخما بحوالي عشرة ملايين من الماركات الالمانية لأهدائه الى والدته الغاضبة لعلها ترضى عنه،كانت تلك المنطقة قد أسرت بسحرها السلطان قابوس منذ أوفده أبوه اليها للخدمة في صفوف فيلق الراين.
والسلطان قابوس من مواليد 1940 ويتصف بالهاء والذكاء ، وهو عاشق لسماع موسيقى باخ وهاندل وكان يحمل معه في اسفاره جهاز (بيك اب-ستيريو) ليستمع الى الموسيقى الغربية بكافة مدارسها.
وأبوه سعيد بن تيمور كان حاكما قويا أشاع الخوف في نفوس رعيته، وقد حكى سعيد لبعض المقربين له من الاجانب الذين ربتطهم به علاقات قوية في المانيا قائلا: "لم يستطع احد من رعية ابي الاحتجاج على تدخل السلطان في الشؤن الخاصة لهم، فمن اراد ان يرتدي نظارة للقراءة كان يجب عليه استخراج ترخيص لتلك النظارة، وحتى التنقل داخل السلطنة كان لابد من توثيقه قبل البدء في الترحال داخل البلاد!! واستيراد والسيارات في عهد والدي كان محظورا الا على الصفوة القريبة منه، كان والدي خائفا على نفسه وعرشه وقد كان يظن ان اعداءه يمشون خلفه فكان كثير الالتفات خلفه، وقد تملكه الخوف وهو ما دفعه للحد من استيراد السيارات أو التنقل داخل البلاد، وقد منع التعليم عن اهل البلاد" . 
والطريف كما جاء على لسان قابوس أن والده أصدر فرمانا سلطانيا يمنع تسلق اسوار مسقط الطينية، عند حلول الظلام.
وكان لا يشعر بالراحة والامان الا في لندن حيث كان يقطن أشهر احياء انجلترا، وذلك لكي يضمن عدم وجود أحد من رعاياه المتمردين فيها.
ولأن السلطنة محشورة في لسان ممتد من الناحية العربية لمضيق هرمز، وهو المضيق الواقع بين ايران وشبه الجزيرة العربية، فقد أحس بالمخاطر الجغرافية التي تحاصره من كل جانب.
وفي عام 1966 عاد قابوس الابن من رحلة اوروبية وقد رأى والده ملامح الضيق فأخذ قابوس الى حصن (صلالة) الواقع في اقليم "ظفار " البعيد عن العاصمة بحوالي 1000 كيلو متر وصارت صلالة هي مقر الحكم للسلطان وسجنا لوي العهد قابوس، وكان مع قابوس في هذا السجن المحصن نفر من زملائه الموالين له من الشباب وبعض الرهائن الذين وقعوا في قبضة سعيد من ابناء القبائل المتمركزة بين عمان والسعودية، وأبوظبي وقد كانوا يعانون جميعا في هذا السجن الذي شيده السلطان لنفيهم فيه.
ومن هنا وفي هذا المكان توثقت العلاقة بين قابوس وهؤلا الرعايا المنفيين وتوحدت كلمتهم على ضرورة التخلص من الرجل الذي يقف وراء هذا الظلم الرهيب سعيد بن تيمور.
ولأن علاقات وطيدة ربطت السلطان الاب بالقوات الانجليزية التي تسانده وتكشف له مؤامرات الاغتيال التي التي يفتعلها البعض ضده، فقد خشي قابوس من فشل تمرده على والده، وهو ما دفعه لتوثيق علاقته مع الانجليز الذين يسيطرون على القوات المسلحة العمانية وخاصة سلاح الطيران.
وحين اشار قاببوس للقنصل العام الانجليزي على عزومه بعزل ابيه لم يجد قبولا منه حيث ان الانجليز يسيطرون على كافة الامور داخل البلاد... وأما الشاب القادم فلا احد يضمن استمرار ولائه لهم خاصة وان الشركات البريطانية كانت تعمل في سلطنة عمان من خلال حرية واسعة لاتوجد لها مثيل في اي دولة نظير رفع العلم البريطاني على حدود البلاد لاضفاء الحماية عليها من الغزاة المتربصين بها.
وكان قابوس يرى أن ملايين السلطنة هي حق للشعب وليس لوالده الذي يستحوذ عليها جميعا، وهو ما يثير خوف الانجليز من تطبيق سياسة جديدة تتصادم مع سياستهم الرامية للأستيلاء بالتعاون مع السلطان على خيرات البلاد النفطية، ولم ييأس قابوس ولم يتراجع عن احلامه وآماله ففي منتصف ليلة 24 يوليو 1970 اقتحم هو وعدد قليل من اصدقائه غرفة نوم والده واطلق النار عليه، وقد اصيب في ذراعه وقد استقل سعيد طائرة حربية اتجهت به الى لندن للعلاج،وهنا اعلن قابوس نفسه سلطانا على البلاد، خلفا لوالده الذي لاذ بالفرار والهرب ، وقد الغى كافة القوانين والاحكام العرفية وقام بهدم البوابات والاسوار التي شيدها والده، وعاشت البلاد في عهده تطورا جديدا اختلف كليا عن مرحلة والده التي تميزت بالظلم والاستبداد.
كان عدد سكان السلطنة في ذلك الوقت لايزيد عن 600 الف مواطن عماني ، وقد سمح بسفر رعاياه الى الخارج كما سمح بتنقل الاجانب داخل السلطنة بحرية واسعة دون قيود.
وهنا يقول قابوس لجريدة الصن البريطانية: 
(ان شعب سلطنة عمان يريد ان يحقق التقدم بسرعة كبيرة، الا ان زعماء القبائل لم يوافقوا على سرعة التقدم، فكل شي يتغير بسرعة أكبر من العقول بالنسبة لهم)

كانت حصيلة السلطنة في عام 1974 نحو 90 مليون جنيه استرليني كان نصيب قابوس منها نحو 20 مليون جنيه لمصاريفه الخاصة بهم!!
أما باقي الحصيلة فقد ذهبت لتعمير البلاد من خلال استجلاب مدرسين مصريين وبناء مدارس وتشييد جامعات من أجل نهضة البلاد وتطويرها وتحديثها في تلك الاثناء قام السلطان قابوس بزيارة الى المملكة الاردنية الهاشمية وقد استضافه الملك حسين وفي أثناء زيارته لعمان الاردنية وقعت عيناه على الاميرة عالية ابنة الملك حسين فأعجب بها ورغب في الزواج منها وقد فاتح الملك حسين في هذا الامر الذي وافق عليه وخطبها له وقد أجريت مراسم الخطوبة في جو ملكي عائلي الا ان الرئيس الليبي معمر القذافي قد تدخل لفسخ هذه الخطبة من خلال تهديده لقابوس مؤكدا له أنه بذلك سوف يكون خائنا اذا تزوج من ابنة الملك حسين عميل اسرائيل، وقد قيل ان الاميرة عالية هي التي فسخت الخطوبة نظرا لفارق السن بينها وبين قابوس المولود في عام 1940 بينما هي كانت لا تتعدى الثامنة عشرة في ذلك الوقت (1974) وقد تمت خطبتها الى ولي عهد امارة البحرين الشيخ "حمد بن عيسى آل خليفة".
وهكذا تجنب السلطان قابوس عداء القذافي الذي كان قد انفق الملايين على المنظمات المناهضة للسلطان من أجل زعزعة الاستقرار في بلاده.
وكان القذافي قد ساهم في اثارة القلاقل لدةى جميع الانظمة الخليجية، حيث كان يعتبرها استمرارا لحكم الملك الليبي الفاسد الذي ثار عليه وأطاح به من فوق عرشه.
وعاش قابوس هادئا بعد استقرار الامور وبعد أن شهدت السلطنة أحداثا حافلة بالتطور والبناء والتقدم والازدهار على يديه، وقد بسط نفوذه على كافة شؤن البلاد.

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مرفوع من الخدمة
تصميم : يعقوب رضا