الأربعاء، 27 يناير 2010

علاقات الاخوان والسعودية وايران والحوثيين ..حرب أم توافق على توزيع الادوار



مثلت الحرب الدائرة بين الحوثيين والعربية السعودية لحظة الحقيقة لمن يريد أن يرى المشهد الاخواني خاصة والدينى عامة في منطقة يصبغ الدين كل شئ فيها بصبغته المميزة
لحظة الحقيقة هذه برزت من تناقض غير مفهوم في المواقف والبيانات بل وفي ردود الأفعال من الجميع


في البداية كان هناك تمرد حوثي في اليمن حاولت اليمن في حدود امكانياتها السيطرة عليه لكن التمرد كان ينمو ويتجه الى تحدي الدولة على الأرض وفيما يمكن ان نعتبره شكل من اشكال تحقيق الأهداف فقد استطاع الحوثيين ادخال العربية السعودية الى ساحة المعركة بعد توغلهم داخل حدودها التى تمثل بالنسبة لها مشكلة مزمنة مع اليمن ووتر حساس في علاقتها باليمن لا يجوز المساس به سواء من اليمن الدولة أو من اليمن التمرد والقبائل


رد الفعل السعودي لم يكن بأقل من ارسال قوات الجيش السعودي لقتال الحوثيين باستخدام كل عناصر قوته ضد الحوثيين اللذين يعرفون جيدا كيف يقودون حرب عصابات في الجبال والاحراش اليمنية وانتظرت السعودية دعم اصدقائها
كانت المفاجأة ان يصدر عن الاخوان المسلمين في مصر بيانا يطالب السعودية بكف يدها عن الحوثيين بينما صدر من الاخوان المسلمين في سوريا بيانا اخر يؤيد السعودية وهنا تفجر المشهد الاخواني تماما
هل هناك حرب اهلية اخوانية خاصة اننا جميعا نتعامل مع الاخوان بفكرة التنظيم الدولي للاخوان ودائما ما ينكرون ذلك
هل ما يحدث هو صراع بين جبهتى المعتدلين والمتشددين داخل الاخوان واللذي ظهر جليا في دراما استقالة المرشد السابق للاخوان واختيار المرشد الجديد؟
أم ان كواليس المسرح الاخواني تخفي ما هو اكثر؟


والحقيقة فإن طلب الاخوان كف يد السعودية عن الحوثيين وهو ما اعتبرته السعودية بمثابة التأييد من الاخوان المسلمين في مصر للحوثيين هو بشكل او بأخر تأييدا للقوة الايرانية على الضفة الأخرى للخليج حيث لا تخفي ايران دعمها للحوثيين على الاطلاق
لكن هل يعتبر بيان الاخوان من سوريا خروجا على التنظيم الأم في مصر؟
الواقع أننا يجب ان نعرف تاريخ هذه العلاقة بين الاخوان وايران حتى نفهم اللعبة الاخوانية الجديدة للسيطرة على المنطقة

العلاقة بين إيران والإخوان المسلمين بدأت مبكرا من خلال الداعية الشاب الإيراني نواب صفوي ( 1924- 1955م) الذي أسس ما عرف إيرانيا «بجماعة فدائيان إسلام تلك الجماعة الإيرانية التي تعتبر محاكاة حرفية لجماعة الإخوان المسلمين

                                                       نواب صفوي
نواب صفوي كان قد  تلقى دعوة من سيد قطب لزيارة مصر فزار على إثرها صفوي كل من مصر والأردن وخلال هذه الزيارة التقى صفوي مع عدد من ومفكري الحركة الإسلامية في مصر والأردن وعاد الى ايران  متأثراً بالفكر التنظيمي للإخوان مما انعكس من خلال قيامه بتنظيم المهرجانات وجمع التبرعات لصالح العمل في فلسطين التى لم يرد ذكرها من قبل في خطابه السياسي
وأعلنت  هذه العلاقة بين تنظيم صفوي والإخوان بوقوف الإخوان إلى جانب صفوي في معركته مع شاه إيران الذي عمل على تحجيم حركة نواب صفوي الناشئة


و مع انطلاق الثورة الإسلامية الإيرانية عام 1979م بقيادة الخميني من باريس أيد الإخوان المسلمون هذه الثورة باعتبارها ثورة إسلامية فأرسل الإخوان وفدا كبيرا إلى طهران عقب الثورة لتهنئة الخميني والشعب الإيراني بنجاح الثورة الإسلامية التي رأى فيها الإخوان نواة لثورات إسلامية يسعون لقيادتها في المنطقة عامة ومصر خاصة
لكن الدولة الجديدة في ايران تبنت مذهبا مغايرا تماما هو المذهب الجعفري مذهبا رسميا لها، وقامت بأعمال قمعية  ضد الطوائف والمذاهب الإسلامية الأخرى والذين يأتي على رأسهم السنة في إيران الذين يتجاوز أعدادهم عشرون مليون نسمة والمشتركين مع الاخوان في المذهب
كان ذلك إضافة الى ضغط العربية السعودية نحو فك التحالف الناشئ بين الاخوان وايران وراء الجفوة والعداء اللذي حل محل الاحتفاء بعد ذلك في علاقة الاخوان بإيران خاصة أن ايران انشغلت بعد ذلك في حربها مع العراق واصبحت غير قادرة على تمويل ودعم تنظيمات اخرى فيما العربية السعودية كانت اكثر من قادرة على تلبية طلبات الاخوان المسلمين سواء على مستوى الدعم المادي او الاعلامي او تقديم المأوى


لكن الامر بعد احتلال العراق للكويت اخذ في التطور السريع نحو تحالف اخواني ايراني خاصة بعد تراجع عائدات النفط بشكل كبير جعل العربية السعودية تستدين لأول مرة في تاريخها وعندما وصل الامر لاحتلال العراق كانت الارضية قد اصبحت مهيأة تماما للنفوذ الايراني ليفعل فعله مع الاخوان خاصة ان ايران قدمت نفسها منذ سقوط بغداد على انها القلعة الاخيرة للاسلام ونزعت عن السعودية ما تمسكت به طويلا بأعتبارها بلد المركز للحركة الاسلامية ففي وسط الحركات الدينية من يكن الى اقصي اليمين دائما ما يجمع مزيدا من الأتباع
من هنا اصبحت علاقة بعض التنظيمات الإخوانية كإخوان مصر وحماس الفلسطينية يسودها نوع من التوافق كنتيجة طبيعية لوقوف إيران بكل ثقلها إلى جانب حركة حماس الفلسطينية الإخوانية

اذن تبدو الصورة الظاهرية لا تخرج عن مضمون العداء الإخواني للمشروع الصهيوأمريكي في المنطقة، والذي تقف إيران ظاهريا في وجهه بعكس الانظمة العربية
لكن ذلك للوهلة الأولى فقط فقصة العداء لأميركا وإسرائيل، التي يتمسك بها «الإخوان»، لا تمثّل سوي دعاية سياسية لكسب الرأي العام العربي والإسلامي تماما كما تستعمل  ورقة  حقوق الإنسان والديمقراطية على أجندة السياسة الخارجية الأميركية



نظرة محايدة للوضع الراهن تخبرك أن تنظيمات مثل الاخوان وحماس وحزب الله مجبرة في لعبة السياسة الحالية ووفقا لموازين القوى على الاختيار بين التوافق مع ايران- وهي دولة تملك رؤية ومشروع توسعي خاص بها- وبين الوقوف على الشاطئ الاخر حيث مجموعة من الدول غير المستطيعة بنفسها والمستنجدة دوما بأمريكا التى تملك مشروعها الخاص والذي تسوقه من خلال هذه الدول
بمعنى اخر فإما ان تسير في الركب الايراني وتغض البصر عن كل ما تحاول ايران تحقيقه وتؤمن بمثالية الثورة الاسلامية وإما أن تتخذ الموقف المعادي تماما للمشروع الايراني وتضع نفسك في خدمة المشروع الامريكي حتى وان ارتديت عباءة اسلامية سعودية الصنع
الاختيار قد يبدو صعبا ولكن سنعرض الموضوع بشكل آخر :
نظرة على الخريطة تخبرك ان هناك ثلاث دول دينية في المنطقة  ...اسرائيل وهي الممثل الشرعي لليهودية الصهيونية ، والعربية السعودية وهي بكل تحفظاتنا الممثل الشرعي للاسلام السنى ، واخيرا ايران وهي الممثل الشرعي للاسلام الشيعي (ليس على اطلاقه ) وهكذا هناك ثلاث دول دينية تتنازع فيما بينها ولكن هل لا تتفق هذه الدول على اي مستوى من المستويات؟

يجب ان نذكر وربما بشئ قد يسبب صدمة للبعض ان الدول الدينية التى تمثل اقصي يمين المتصل السياسي تجد دائما ما يجمعها حتى لو تباينت او تعارضت اهدافها ولنتذكر جيدا ما يدور دائما عن علاقة غير ملموسة بين ايران واسرائيل واحدايث كثيرة عن خدمة حماس للاهداف الاسرائيلية بشكل ما في شق الصف الفلسطينى و علاقات غير مفهومة و غير معلنة بين باكستان واسرائيل رغم تصريحات اسرائيلية مبهمة عن امتلاك باكستان للقنبلة النووية الباكستانية
في ضوء هذا هيل يمكن فهم العلاقة الغامضة بين الاخوان والعربية السعودية وايران والحوثيين؟
في ضوء هذا هل يمكن فهم التحرك الاخواني اللذي يقدم ورقة اعتماده لإيران عبر بيان الاخوان المسلمين في مصر بينما يحتفظ بخط الرجعة مع السعودية عبر بيان الاخوان في سوريا؟
هل يمكن أن نفهم ذلك على ضوء شكل من اشكال المسرح السياسي اجاده الاخوان في السياسة المصرية على مر عقود حيث كان دور الجماعة الظاهرة على السطح هو شجب كل عمليات العنف التى تقوم بها الجماعات الخارجة من تحت عبائتها؟
هل يمكن ان نفهم ذلك من خلال عملية توزيع الادوار بين الاخوان كصقور وحمائم واشغال الجميع بعملية استقالة المرشد السابق واختيار المرشد الحالي وامنيات البعض في ان تنكفئ جماعة الاخوان على نفسها وتتجه نحو الدعوة بعيدا عن العمل السياسي فيما ينظر البعض للأمر على انه تمهيدا لا بد منه للتنصل من احداث اصبحنا ننتظرها على يد فصيل سيقولون انه منشق عنهم وانهم ...وبشدة يستنكرون كل ما يفعل؟
أظن أننا يمكن ان نكون فكرة أو بتعبير آخر وعذرا لاستعارة التعبير  أن نكون خارطة طريق حتى لا ننساق وراء اوهام المسرح السياسي اللذي اجاد البعض أداء ادوارهم عليه الآن



ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مرفوع من الخدمة
تصميم : يعقوب رضا