السعوديين أيضا يهتفون: الشعب يريد إسقاط النظام

السعوديين أيضا يهتفون: الشعب يريد إسقاط النظام

ثوار السعودية على طريق مصر وتونس ووزير الداخلية السعودي يكرر ما قاله غيره: السعودية ليست مصر ولا تونس

علي آل زايد الذي أصيب في برصاص قوات الأمن السعودي مساء الخميس

يبدو أن نظام الحكم الثيوقراطي الذي يحكم السعودية ويسميها بإسمه ويصر على إعتبار مواطنيها (رعية) يواجه الآن أكبر تحدياته منذ أعوام فالسعوديون بعد أن حجب عنهم الكثير سواء على صعيد الحريات المدنية بدعوى تناقضها مع الشريعة ( وهو ما تقاومه السلطات السعودية عن طريق الشرطة الدينية ) أو حتى على صعيد حقوق المرأة كقيادة السيارات وصولا إلى الحقوق الإقتصادية التى سمحت لولاة الأمر في السعودية بالمحافظة على مستوى دخل متدنى لمواطنى الكثير من مناطق المملكة البترولية في مقابل نزق مادي لا ينكره أحد وسط الأسرة الحاكمة وشرطتها الدينية ومؤسسة الدين في العربية السعودية

السعوديون كأي شعب آخر إشتاق إلى الحرية خاصة أن إرهاصات الحرية تتجاذبهم من كل حدب وصوب بعد ثورة تونس وثورة مصر وما يقوم به الشعب الليبى حاليا ضد طاغيته مرورا ولا شك بما يجرى على حدود المملكة من إضطرابات اليمن التى يبدو أنها في طريقها لتصبح ثورة أو حتى في البحرين التى ساعدت قوات الحكومة السعودية على قمع ثورتها

أخيرا وعبر شبكة الفيسبوك وحتى عبر الإتصالات المباشرة بين الشباب السعودي من الجنسين جرت الدعوى إلى مظاهرة يوم الجمعة 11 مارس للمطالبة بكل ما يحجبه النظام السعودي من حقوق إضافة إلى المطالبة بالإفراج عن العديد من معتقلي المظاهرات السلمية الأخيرة لكن نظام الحكم السعودي إستعد هذه المرة بشكل مختلف عبر مستويين للإستعداد

المستوى الأول وهو عبر المؤسسة الدينية التى تمنحه الشرعية حتى لو وصل الأمر لقتل المتظاهرين العزل على النحو التالي :

النظام السعودي طلب دعم المؤسسة الدينية لمنع المظاهرات السلمية التى يراها خطرا على نظام حكمه في ظل موجة من الانتفاضات الشعبية ضد الحكام العرب خاصة أن مظاهرات السعودية يوم الجمعة أيد النزول إليها أكثر من 32 ألفا سعودي وسعودية بينما تمت الدعوة إلى مظاهرة ثانية يوم 20 مارس

المؤسسة الدينية التى لا تلقى قبولا حقيقيا من الشارع السعودي حذرت عبر رجالها من أن المظاهرات تتعارض مع صحيح الإسلام وفقا لفتوى أصدرتها هيئة كبار العلماء هذا الاسبوع في السعودية وهي الهيئة التى من المعروف أنها تمثل أقصى درجات الرجعية التى تحمي النظام السعودي من بوادر أي تغيير

الهيئة أيدت فتواها كالعادة بالعديد من سور القرآن قائلة أن الاصلاح يجب أن يأتي عن طريق النصح وليس احتجاجات الشوارع وأن حتى جمع التوقيعات على عرائض الالتماس يتعارض مع ما أمر به الله

الخيط الذي ألقت به الهيئة إلتقطه وزير الخارجية السعودي الخارجية الامير سعود الفيصل ابن أخي الملك مؤكدا أن الاحتجاجات غير مسموح بها و(أن التغيير لن يحدث الا عن طريق مبدأ الحوار)

ويبدو أن تصريحات الأمير لم تلق قبولا من الشباب السعودي الذي يدرك أن نظام الحكم السعودي لم يعتمد الحوار كمبدأ منذ بدايات حكمه فتواصلت الدعوة للتظاهر ليجد نظام الحكم السعودي نفسه أمام الحقيقة التى لا يريد أن يعترف بها : المؤسسة الدينية فقدت تأثيرها في المملكة

بالنسبة لنظام الحكم السعودي فإن ذلك يعد أمرا مرعبا خاصة أن شرعية نظام حكم آل سعود تستند من البداية إلى قيامهم بدعم محمد بن عبد الوهاب الذي أسس للإسلام الوهابي الذي حكمت من خلاله السعودية على مدي تاريخها عبر إتفاق وتفاهم يسمح لآل سعود بالحكم طالما تركوا أمر الدين حكرا على الوهابيين ، وكان ذلك مناسبا للغاية لآل سعود خاصة أن المجتمع السعودي قبل سواء مختارا أو مجبرا بالتنازل عن كثير من حقوقه وفقا لوجهة نظر تقول أن رجال الدين يمكن أن يشخصوا لمصلحة الدولة

رجال الدين ومؤسستهم الدينية بدأوا يفقدون إحترامهم في نظر السعوديين بالفعل مع تطوعهم لتبرير أي شئ يصدر عن نظام الحكم السعودي وكان أوضح مثال على ذلك في أعقاب أزمة الخليج بين عامي 1990 و1991 عندما فاجأ رجال الدين الحكوميين الكثيرين بالسماح للقوات الامريكية باستخدام الاراضي السعودية الأمر الذي أحدث إنقساما حتى بين رجال الوهابية أنفسهم فقدم بعض رجال الدين التماسات للاسرة الحاكمة تفيد أن الدولة حادت عن مباديء الاسلام في سياساتها الداخلية والخارجية وذهبوا إلى حد تأييد الفكرة التى يخشاها حكام السعودية: تأييد فكرة اجراء انتخابات برلمانية

رد الفعل جاء سريعا من جانب نظام الحكم السعودي :السجن

من بين من طالتهم عصا النظام من رجال الدين هؤلاء سلمان عودة الذي يقدم برنامجا أسبوعيا على قناة ام.بي.سي1 التلفزيونية والذي وقع التماسا يطالب بالتغيير الشهر الماضي وأدلى بتصريحات مؤيدة للاصلاح على موقع تويتر هذا الاسبوع وقال يوم الاربعاء "يجب أن يمنح الشباب بعض الحرية في النقد وشيئا من الحرية في مدى استحقاق من نسميهم وجدارتهم بهذه الالقاب التي نضفيها عليهم."

من جانبها حاولت السلطات السعودية إقناع الشباب السعودي بأن هناك (أجندة خارجية) وهو مرادف جريى إستخدامه في مصر وتونس وليبيا من جانب الحكام في مواجهة الثورات الشعبية لكن السعودية حاولت إخافة مواطنيها قائلة بأن الأجندة (إيرانية الصنع) وأن أهدافها واضحة وهو حقول النفط في المنطقة الشرقية حيث تتركز الأقلية الشيعية السعودية

ويبدو أن ما حذر منه نظام الحكم السعودي لم يجد أذانا صاغية فقد إستمرت الدعوة للتظاهر وهنا لم يجد النظام السعودي أمامه سوى البديل الثاني وهو القوة

إعتماد مبدأ إستخدام القوة ضد المتظاهرين في السعودية

احدى السيارات المصابة برصاص القوات السعودية في القطيف

عندما أدرك النظام السعودي أن مواطنيه لم يعودوا عابئين بما يطرحه عليهم وأن رشاويه التى حاول الملك قبل عودته مباشرة أن يثنيهم من خلالها عن القيام بأي شئ لم تعد تلقى قبولا وأن فكرة التظاهر وتغيير شكل النظام تسيطر على المواطنين بدأ النظام السعودي في حشد قواه الأمنية للتصدي للتظاهرات التى أصبح محددا لها أن تخرج في القطيف يوم الجمعة لكن مظاهرات صغيرة بدأت تخرج في القطيف منذ مساء الخميس وكانت تضم نساء ورجالا في تحد واضح لوضع المرأة في السعودية التى حملت أثناء مظاهرات الخميس الورود البيضاء بينما حمل الرجال العلم السعودي ولم تكن المسيرة تزيد على 500 شخص على أي حال لكن يبدو أن المشهد الغريب على قوات الأمن السعودية قد إستفزهم فبادروا بإطلاق النار والرصاص الحي على الفور بينما علت هتافات المتظاهرين من الرجال والنساء (سلمية سلمية ) لكن ذلك لم يحل دون سقوط جرحي من بينهم أمكن معرفة البعض من بينهم :

علي جعفر الصفار من حي الشويكة بمدينة القطيف والذي أصيب بطلق ناري في اليد

علي محسن آل زايد الذي أصابه طلق ناري في الرجل

مصاب آخر لم تعرف هويته حتى اللحظة

ورغم نقل المصابين إلى مستشفي القطيف المركزي إلا أن قوات الأمن السعودية ألقت القبض عليهم ونقلتهم إلى المستشفي العسكري تحت حراسة مشددة وقيد الإعتقال

مسيرة خرجت في القطيف

من ناحية أخرى أصبح في حكم المؤكد أن تخرج مظاهرات الجمعة وقد إكتسبت شرعية متزايدة نتيجة لعاملين أولهما هو سقوط ضحايا مساء الخميس على يد رجال الأمن وثانيهما هو ما قام به أحد أساتذة الفقه الإسلامي بجامعة القصيم عندما نشر دراسة توضح أن تظاهرات النشطاء حلال شرعا وقد جرى توزيع مطبوعات منها على النشطاء السعوديين

الطريف أن النشطاء السعوديين يتندرون حاليا بما قاله رجال الدين فالمدونة السعودية إيمان الفنجري وصفت رجال الدين الذين حرموا المظاهرات قائلة:

(نحن نعرف أن علماء الدين يسهل شراؤهم وانهم يقولون ما يؤمرون به)

وفيما طالت الإنتقادات رجال الدين السعودي الوهابيين فإن حراك النشطاء السعوديين لم يخلوا من ذكر لآخر رئيسيين عربيين مخلوعين وهما حسنى مبارك وزين العابدين بن على فقد قارن نشطاء سعوديين بين تصريحات وزير الداخلية السعودي ) الامير نايف الذي قال : (السعودية مختلفة لانها تطبق الشريعة)

النشطاء السعوديين تندروا قائلين : انهم جميعا قالوا ذلك قالها مبارك عندما أطيح ببن علي والآن يقولها وزير الداخلية السعودي

ويبدو أنه الفترة القادمة سيحذوا كثير من الحكام العرب حذو (فهمتكم لبن علي) و(مصر مش تونس التى قالها وزير خارجية مبارك ) و (ليبيا ليست مصر ولا تونس)

وحتى تخرج لنا أدبيات جديدة من حكام العرب المرشحين للخلع فإنن لا نملك إلا أن نحيي ثوار ليبيا الذين يكتبون بدمائهم تاريخ وطنهم الآن وثوار السعودية الذين نتوقع أن يواجهوا أكبر آلة قمعية في الخليج العربي والمدعومة أمريكيا بكل قوة لكن ما نثق به أن آلة الثورة في السعودية قد بدأت وعندما يصنع الشعب ثورته فإن لا أحد على وجه الأرض يمكنه أن يوقفها ..لا شيخ وهابي ولا رصاص الأمن ولا حتى (فهمتكم)