الخطر القادم في الإسكندرية: حديقة الحيوان قد تتحول في لحظة إلى كارثة بيولوجية
بؤرة صالحة لتصدير أنفلونزا الخنازير والطيور إلى كل مصر تحت سمع المسؤولين
أخر اختراعات المصريين الدب يأكل بواقي الخبز والأسد يتضور جوعا
ادارة الحديقة تكتفي بالجلوس في مكاتبها |
تصوير: ياسمين المرادني
لم أكن أتصور أن رحلة سريعة إلى حديقة الحيوان في الإسكندرية يمكن أن تكشف كل هذا القدر من الفساد والإهمال والتربح ففي النهاية هي مجرد حديقة حيوان لكن ما عايشته على مدار 3 ساعات كان أقل ما يقال عنه أنه تجربة أليمة بداية من شعورك بالشفقة على الحيوانات التى شاء حظها العاثر أن يستقر بها المطاف في حديقة حيوان الإسكندرية عوضا عن أي حديقة حيوان أخري في أي مكان من العالم وليس إنتهاء بمعاملة الأدميين من الزوار بإعتبارهم ليسوا أفضل من الحيوانات عبر دورات المياة القذرة والملاهي التى تتعطل كل ألعابها بصفة دورية ناهيك عن حالات الإستغلال الظاهرة للعيان دون تدخل من إدارة الحديقة التى يبدو أنها تستمتع بالبقاء في مكاتبها المجاورة تماما للمكان الذي يحتجزون فيه الحمير المصادرة والتى يقدمونها بعد ذبحها كطعام لباقي حيوانات الحديقة
البداية من بوابة الحديقة وحدث ولا حرج : فتاة محجبة تتميز بقذارة شديدة تظهر على يديها المتسختين ( هي الفتاة المسؤولة عن قطع التذاكر) وجدل حول سعر التذكرة للطفل و30 جنيه رسوم دخول كاميرا الفوتوغرافيا الخاصة بالتصوير حسب التعليمات واللافتة التى لا يقرأها أحد
جمل يعاني من كسر في السنام وأمراض جلدية |
بعد ذلك أصبح علينا أن نبدأ جولتنا لنصاب بأول صدمة فعلى يسار الداخل إلى الحديقة يوجد بيت الجمل وهو يتميز بقذارة لا توصف ناهيك عن حالة الجمل نفسه الذي بكل تأكيد لو كان يعرف طريقة للإنتحار لتخلص من آلامه التى يسببها له (خراج) مزمن لم يجد من طبيب الحديقة سوى مجرد التجاهل إضافة إلى مرض جلدي ظاهر على الجمل لا يحتاج إلى خبرة طبية لإكتشافه إضافة لكسر واضح في سنام الجمل لكن كل ذلك لم يلفت نظر أحد
الغريب أن أكثر شئ وجدناه في الحديقة كان النعام ولا أدري لماذا فكلما وجد المسؤولون عن الحديقة قفصا خاليا وضعوا به نعام وما أكثر الأقفاص الخالية بالحديقة وحدث ولا حرج فعلى سبيل المثال لم يجد المسؤولين عن الحديقة مبررا لوضع زرافة في حديقة الحيوان بإعتبارها كائن أليف نراه كل يوم في الشوارع والمنازل بينما خصصوا قفصا خاصا للحمام... نعم الحمام الذي يربيه الناس في المنازل اعتبره هؤلاء طائر نادر وقرروا عرضه على الزائرين
ملك الغابة بعد ان استضافة المصريين |
بيت الأسد يشخص الأزمة بداية من الرائحة غير المحتملة الناتجة عن عدم خضوع البيت للتنظيف ربما منذ سنوات إضافة لحالة الأسود نفسها التى تتضور جوعا بشكل لافت للنظر مرورا بعدد المصورين الموجودين داخله ويعرضون عليك التصوير مع الأسد مقابل 15 جنيه فقط لا غير دون إيصال أو أي سند
لو وافقت سيهرع حارس الأسد ليصطحب شبل من أشبال الأسد من داخل القفص ويعود به إليك يضعه على قدمك للحظات حتى تحصل على صورة مع الأسد ، بالطبع ذلك لم يكن مناسبا لنا لكنه كان مثيرا للتساؤل الذي طرحناه في البداية فلا أظن أن المصور الموجود بالداخل دفع 30 جنيه رسم دخول الكاميرا التى يمارس بها عمله كما أنه ليس أحد عمال الحديقة ولا يقوم بعمله بصفة رسمية لكنه بمنتهى البساطة يمارس (أكل العيش)
مصورة مرفوع من الخدمة في صورة ثمنها 15 جنيه |
استعضنا عن كل ذلك بكاميرا الموبايل لتصوير مشاهد الإهمال التى لا يمكن أن تضاهي المشاهدة على الحقيقة وبقى أن نقول أنه خارج بيت الأسد وفي المكان المبنى ليكون عرينا للأسد شاهدنا ما يمكن وصفه بالكوميديا السوداء ، أسد ينام وسط قاذورات ومخلفات لا حصر لها ولا يقوى على الحركة تقريبا
حمامات حديقة الحيوان |
استراحة قصيرة قررنا خلالها تناول بعض العصائر كشفت عن الكثير فقد شاء حظنا العاثر أن نجلس على مقربة من دورات المياه ولأننا نؤمن بأن الصورة أكثر صدقا من الحديث فإننا نكتفي بالصور التوضيحية لحالة دورة المياة التى كالعادة يجب أن تدفع لكي تدخلها
لم تكد اللعبة تبدأ حتى تعطلت |
داخل حديقة الحيوان توجد ملاهي تابعة لشركة ملاهي المعمورة لكن يبدو أن الشركة وجدت أنه من المناسب لها أن تجعل عمالها وألعابها متسقة تماما مع الإهمال السائد داخل حديقة الحيوان فوضع كل الألعاب المستهلكة وأسوء أنواع العمال للإشراف على هذه الملاهي التى يمكن في لحظة أن تكلفك زيارتها حياتك دون مبالغة فالساقية المشهورة تتعطل كلما عملت تقريبا ويضطر العامل للعبث ببعض الأزرار لإعادة تشغيلها كما أن هناك عربات داخل الساقية لا يسمح لك بالجلوس بها لأنها ببساطة ليست لها أرضية أو أن أرضيتها تأكلت ويخشى من سقوط من يجلس بها
حالة سيارات الملاهي |
أما عربات الملاهي المشهورة التى يمارس فيها الناس عادة ولعهم بالتصادم فحدث ولا حرج فهي في حالتها تشبه حالة سيارات التاكسي القديمة التى تميز الإسكندرية وهي أيضا تتعطل أثناء اللعب وتضطر لتغيير العربة عدة مرات إلى أن تشعر باليأس وتقرر الإنصراف عنها بعد أن تكون قد دفعت ثمن اللعبة دون طائل وعلى كل حال فإن الألعاب يتم تحصيل مقابلها دون تذاكر ولا إيصالات ولا أي شئ
أما الطريف فهو أننى اكتشفت أن المصريين استطاعوا تغيير طباع كثير من الحيوانات فالدب المشهور أصبحت وجبته الرئيسية التى يقدمها له الحارس هي (الخبز أو بقايا الخبز) نعم مجرد بقايا الخبز التى يحملها معه في دلو يلقى ما به داخل بيت الدب الذي يكمل وجبته كيفما اتفق عبر الزوار الذي قد يشعر أحدهم بالشفقة عليه فيشتري له من الحارس بعض الجزر أو ما شابه
الحمير المصادرة قبل ذبحها |
وإذا كان الدب قد قبل بأن يصبح طعامه مجرد خبزا فإن الحيوانات اللاحمة مثل الأسد لا تقبل بذلك ولذلك فإن إدارة الحديقة تستضيف الحمير المصادرة في فراغ مخصص لها يتسم بالقذارة الشديدة وتختار كل يوم عدد من هذه الحمير المريضة للغاية لتقدمها كلحم للحيوانات اللاحمة لكن المخاطر الصحية لا توصف ولا يمكن أن تدركها إلا عندما تمر بالمكان الذي يضعون به الحمير المعدة للذبح وهو بالمناسبة مجاور مباشرة لإدارة الحديقة ويقوم مدير الحديقة بركن سيارته بجواره مباشرة مما يعنى أن لا يمكن أن يدفع بالجهل وأنه لا يرى ما يحدث لكن يبدو أن الرجل أراد قضاء مدة خدمته في هدوء خاصة أنه لم يكلف نفسه من الأساس مجرد محاولة زيارة بيت الزواحف الذي تحول إلي عرض مجسمات وتماثيل للثعابين وباقي الزواحف وكلما سألت الحارس عن الثعابين الحقيقية يجيب بأنها تخرج من جحورها ليلا بينما الحديقة تغلق أبوابها عصرا
بؤرة مرضية يطفو الدود على سطحها |
كلنا يعرف الحيوان المعروف بفرس النهر وهو يعيش على البحيرات وبالتالي فإن حديقة الحيوان أعدت له بحيرة كبيرة ليمارس سباحته اليومية لكن باقي حياة فرس النهر لم تكن على هذا القدر من السعادة فوعاء الطعام الخاص به هو ببساطة (صندوق قمامة أونكس) والبحيرة التى يجب أن يمارس سباحته بها لا توصف فعند نزول فرس النهر إلى البحيرة وبعد بعض حركات بسيطة منه طفى على سطح البحيرة سرب كامل من (الدود) نعم أنت لم تخطئ القراءة لكنها الحقيقة التى علينا أن نقبل بها إذا قررنا زيارة هذه الحديقة التعسة
الغريب أنك وسط كل ذلك تجد أثناء سيرك بالحديقة سيارة ملاكي أو اكثر تتنزه داخلها لأنه وبكل بساطة كل شئ مباح في هذه الحديقة مادمت تدفع ثمنه وعندما أقول كل شئ فإننى أعنى ما أقول وعليكم تخمين بقية مضمون كلماتي
ربما يجد البعض منكم أننا نتشاغل بأشياء غير هامة وأننا نبحث عن حقوق الحيوان في حين أن الإنسان لدينا في حاجة إلى من يعيد له حقوقه لكن ما شاهدناه هذا اليوم كان قاسيا ومفزعا فحديقة الحيوان على هذه الحال يمكن أن تصبح في لحظة بؤرة نشطة لأنفلونزا الخنازير أو الطيور أو أي مرض آخر وما يحدث داخل الحديقة أقل ما يقال عنه أنه إهمال منظم في مدينة أصبحت تتميز بحدة المزاج ونفاذ الصبر بعد أن مارست جميع أجهزة المحافظة فيها كل أنواع الإهمال واستفزاز المواطنين ويبدو أنها قررت أن تساوي في معاملتها بين المواطنين والحيوانات التى لا شك لم يصل لها ثقافة الإنتحار لأننا وجدنا بعضها مازال ينتظر أن يرحمه الخالق من ظلم بنى البشر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق