عندما تبحث عن الفاعل في تفجير الكنيسة فتذكر حزب الله وحماس والوهابيين و الإخوان
هل أصبحت إسرائيل هي المسؤولة عن سمك القرش والفاكهة المسرطنة وتفجير الكنيسة
ربما كان تفجير الكنيسة هو الثمن الذي تدفعه مصر لتصبح دولة مدنية
بعيدا عن الأحزان التى تحيط بمصر مع الدقائق الأولي للعام الجديد الذي كان الجميع يتمنى أن يكون أفضل ولو بعض الشئ من العام المنصرم الذي كان محملا بكثير من الهموم والكثير من الإخفاقات والإنتكاسات سواء بالنسبة للعالم من حولنا أو بالنسبة لمصر على وجه الخصوص الذي شهدت خلاله تراجع كان واقعا لكننا شهدنا نتيجته خلال هذا العام في كل المجالات سواء الإقتصاد أو الأداء السياسي أو حتى على مستوى القبول الإجتماعي والدولي
بعيدا عن كل هذا جاء العام الجديد ليذكرنا بكل أخطائنا التى ارتكبناها على مدار عقود بدأت منذ ثورة ناصر نبي الناصرية الذي لا يموت
انفجار الكنيسة في الإسكندرية ليس سوى حلقة في سلسلة من حلقات الفشل في التعامل والتعالي على الأحداث واستخدام القبضة الأمنية لحل كل المشاكل التى تحيط بالدولة وهو نهج بدأه ناصر مع ثورته الوليدة وأصبح دستورا لكل من أتي بعده
كان يمكن ان يحدث انفجار الكنيسة ونتعامل معه جميعا دون حرج ودون حساسية لكن لأن النفوس معبأة منذ عقود وشبح الدولة الدينية يطل علينا في كل لحظة متمثلا في التواجد القوى للإخوان المسلمين وكل من والاهم على مدار الفترة الماضية برغم تسميتها بالمحظورة إلا أن هذه (المحظورة) تملك مقرات علنية وتجري انتخابات لإختيار المرشد العام بصورة علنية وتخرج علينا على شاشات التليفزيون المصري وهي تحمل نفس الصفة بل وكان لها تواجد معترف به داخل البرلمان الماضي بإعتبارهم (كتلة الإخوان في البرلمان) ولا أدري بعد ذلك ما هو معنى (المحظورة) وهي تحظي برواج وتمثيل نيابي لم يحصل عليه حزب آخر
أكاد أجزم بأن الجاني شبه معلوم للجميع سواء كانت أجهزة الأمن تتعقبه حقيقة أم أنها مازالت تحبث عن خيوط غير متوافرة حتى اللحظة فالجاني هو جزء من مخطط أفرزه تنامي التيار الدينى داخل مصر وخارجها مستمدا دعما وقوة من الحركة الوهابية التى لا تجد مشروعية لحكمها سوى عبر نشر النسخة الخاصة بها من الإسلام ، والنسخة الخاصة بها من الإسلام لن تنتشر على نطاق واسع إلا بعد أن تركع مصر تماما فمصر هي التى قضت على الحركة الوهابية الأولي بجيش واليها محمد علي باشا وهو الثأر الذي لا ينساه الوهابيون وهو نفس الثأر الذي جعل عاهل السعودية يتآمر على جمال عبد الناصر بكل أشكال التآمر في عقد كان سمته الرئيسية المؤامرات المكشوفة
حادث كنيسة الإسكندرية يمكن أن ينسب بالفعل إلى الإتجاه اليمينى الذي يجد دعما له من دول وحركات عديدة من إيران التى تدعم حزب الله وحماس سرا وعلانية ومن الحركة الوهابية في الخليج التى تدعم كل ما يمت لإسلام الذقون الطليقة لكن دائما ما تدعم من خلف ستار ، ويمكن أن يأتي من حركة الإخوان المسلمين واهدافها معلنة ومعروفة ومرشدهم السابق كان له موقف واضح عندما قبل برئيس باكستاني مسلم يحكم مصر فلا الجماعة ولا أعضائها لهم ارتباط بالأرض ولا يقيمون للوطنية ومفاهيم القومية اعتبار تماشيا مع مبدأهم بأن الأرض كلها هي أرض الله التى يرثها المسلمون الأتقياء(حسب تفسيرهم ومعاييرهم للتقوى بطبيعة الحال)
كل هؤلاء في نطاق الشبهات فحماس اعتادت ممارسة لعبة الإغتيالات داخل مصر وعلى حدودها وحزب الله ترك كل مشاغله المعلنة في التصدي لإسرائيل وتفرغ لزرع خلايا له بمصر، والإخوان لا يجدون حرجا من التعاون مع أي (أخ مسلم) للوصول للحكم
السيناريو سهل التنبؤ به: انفجار في كنيسة داخل مصر وسط جو مشحون مهيأ لمزيد من التداعيات يؤدي وفقا لمعادلة محسوبة لمواجهات محمومة مع عناصر إسلامية أو حتى مع اجهزة الأمن
النتيجة شبه معروفة: ادانة دولية وحديث عن مخاوف من تعرض المسيحيين للمزيد وهو قد حدث بالفعل من البابا بينيدكت بابا الفاتياكان ويمكن أن يتطور الى مطالبات بتوفير الملاذ الآمن والحماية الدولية وغير ذلك فيما بعد
الأرباح: أيضا معلومة تحديدا فعلى صعيد الحركة الوهابية فإن كسر الإسلام الوسطي داخل مصر مطلبا ملحا منذ نشأة الحركة الوهابية وطريقها المحتوم يمر بمواجهات تنشأ على أساس المعتقد الدينى ليصبح الأمر أشبه بحالة من حالات الجهاد مع بعض الإستفزاز جريا على وجهة نظرهم التى طبقوها في جزيرتهم وهو أن جزيرة العرب لا يجتمع فيها دينان
الأرباح لحزب الله هو مزيد من التراجع للدور المصري وهذا فيما يخصه ، ومزيد من الضعف لمصر وهو هدف ينفذه بالوكالة لصالح ايران ومزيد من الإدانة الدولية وهو ما يسعد دول عربية مثل سوريا التى تجد في مصر منافسا أو رجل مريض تحاول أن ترثه بكل ما لديها من قوة
الأرباح بالنسبة للقاعدة والجماعات الجهادية الأخري معلومة أيضا: فكل هؤلاء لا ينسون أن جسر المعلومات المصري وفر للإدارة الأمريكية الكثير بعد ضربة البرجين كما أن مصر وهو ما أصبح معلنا تعاونت مع الإدارة الامريكية سواء في التحقيق أو المعلومات أو حتى في القيام بعمليات نوعية مؤهلة لها ، وهنا فإن حافز الإنتقام موجود وملح وقد مارسوه قبل ذلك عبر تفجيرات السفارة المصرية في باكستان واغتيال الدبلوماسيين المصريين في العراق
الأرباح متوفرة للجميع ومصر لا ننكر في حالة من حالات الإنكفاء على الذات وكثير من شعبها بعد أن يأس من ثقافة الحياة اعتنق ثقافة الموت وأصبح يمنى النفس بالجنة التى تأتي ربما عن طريق العمليات الجهادية ....فكر يغذيه كثيرا من أئمة المساجدة والزوايا وأيضا مناهج التربية والتعليم وبعض تصرفات الدولة التى لم تجد مسيحيا مناسبا لشغل منصب عميد كلية أو وزارة أخرى غير وزارات الإقتصاد والمالية والعاملين بالخارج
هناك أخطاء حتى في قوانين تتحكم بصورة غير مفهومة في بناء دور العبادة وتتحكم أيضا في كثير من الأحوال الشخصية وهو ما يثير كثيرا من الألم ويجعل الأجواء معبأة وقابلة للإنفجار خاصة أننا حاليا نتعامل مع كثير من صغار السن من الشبان المسيحين الخارجين تماما على طاعة الكنيسة والإقتضاء بحكمة البابا شنودة بل وهناك منهم من يقول بأحقية آخرين في ولاية الكنيسة وهو وضع تشكو منه الكنيسة لكنها لا تجد حلا مع تعاظم حركة الخروج عليها بين الشباب حديث السن وهؤلاء يمكن أن تشعل غضبهم في لحظة فما بالك بقنبلة ليلة رأس السنة أصابت من أصابت وقتلت من قتلت
الكارثة أن يأتى وسط كل ذلك من يحاولون الخروج من الحرب دون خوضها فنجدهم على الفور يجدون متهما جاهزا لكل شئ على طريقة مشبوهي أقسام الشرطة والمسجلين الخطرين فتصبح إسرائيل هي المتهم الرئيسي في كل شئ بداية من قروش شرم الشيخ والفاكهة المسرطنة وضعف الخصوبة عند الرجال مرورا بتلوث الهواء والزلازل والعواصف الرعدية ولدينا الكثير من الأدلة على اتهامات تخرج عن حدود العقل في هذا المجال
الكارثة أن ذلك لن يؤدي سوى إلى إفلات الفاعل الأصلي بفعلته إضافة الى شيوع مشاعر الإحباط والخوف فلو كانت اسرائيل بكل هذه القوة وكانت مخابراتها على هذه الدرجة الأسطورية التى تجعلها تتحكم في كل شئ داخل مصر فلا أدري كيف تكون مخابرات دولة عظمى مثل الولايات المتحدة الأمريكية
الفاعل والجاني والمخطط ليس بعيدا عن أيدينا لو أحسنا النظر والإستنتاج وربط الحدث بالمسببات والأرباح لكن هناك من يجدون في إتهام (أخوة لهم ) جريمة ويجدون في فرضية أن يكون الجاني مسلما (عارا) وهنا هم ببساطة يساعدونه على الإفلات ويصبح علينا إنتظار هجمته القادمة
أما عن كون مصر مستهدفة فيمكن القول بالإيجاب ولكن يبقى أن نحدد الجهة التى تستهدفها تحديدا فالقول بأن الأمر مؤامرة أمريكية يشبه تماما تفسير التاريخ باللجوء للعرافين فأمريكا لديها توافقات كثيرة مع شكل الحكم في مصر وأمريكا أكثر من غيرها تدرك أن سقوط الحكم المصري سيسبب لها من الخسائر أكثر مما سبب لها سقوط الحكم في إيران وحاليا امريكا لديها تجربة قاسية في التعامل مع الإتجاهات الدينية التى تعاملت مع أمريكا عبر أسامة بن لادن أو غيره ثم خرجت عن الخط وأصبح أكثر مصادر الخطر على أمريكا
يمكننى أن أفهم أن يكون القول بالإستهداف مستندا إلى واقع ملموس وحالات عداء نعايشها فنحن نعلم جميعا أن هناك حالة من حالات التنافر الشديدة ( وهو تعبير مهذب) بين مصر والجزائر ، والجزائر نفسها ليست حاكمة على كل أراضيها فلديها الكثير من الأشياء التى تحدث دون تحكم قادتها خاصة في الظهير الصحراوي لها
يمكننى أن أقر بأن هناك مصلحة لحكومة حماس في كارثة طائفية تعصف بمصر التى أصبحت مع مجريات الأحداث تشكل تهديدا على قادة حماس بدعمها للحكومة الشرعية للسلطة الفلسطينية
يمكننى أن أتفق مع من يقول بمصلحة آنية وعاجلة لحزب الله في إشاعة جو من الفوضى والإحتقان في مصر على النموذج اللبناني وهو (أي حزب الله) لديه خبرة جيدة في عمليات التفجير وعبور الحدود والإندساس عبر الخلايا النائمة
الأمر لا يحتاج إلى واجب العزاء التليفزيوني الذي يقدمه رموز الأديان ولا إلى عناق القس والشيخ الذي أصبح لا يعنى شيئا أكثر من السخرية على شكل الإخراج المضحك والمبتذل للأمر برمته
والأمر أيضا لا يحتاج إلى خطابات ولا مقالات الجرائد وأجزم أنه لا يحتاج حتى إلى معرفة الجاني فالأهم هو معرفة أن هناك أخطاء ساهمت في حالة من حالات الإحتقان وجعلت من حادث كان يمكن أن يحدث في الجامع المقابل للكنيسة كارثة تخشى منها الدولة كلها ولو كان التعامل مع مواطنين مصريين على دين آخر يتم وفقا لمبدأ المواطنة لكان الحادث حتى من وجهة نظر المسيحيون في مصر مجرد حادث إجرامي أو إرهابي موجه ضد مصريين دون النظر إلى عقيدتهم الدينية
أما ما نغفله جميعا وفقا لتحليلات السذج أن من هو قادر على ضرب مسيحيين مصر الآن في كنائسهم هو قادر أيضا على ضرب مسلميى مصر في مساجدهم ومنازلهم أيضا وسيناريوهات إشاعة الفوضي أكثر قابلية للتحقيق لو استخدمت ضد المسلمين وفقا لمنهج تكفيرى او حتى وفقا لمنهج الفوضي من أجل الفوضى
المواجهة أصبحت خارج نطاق المواجهة الأمنية حاليا وأصبح علينا جميعا أن نمارس قليلا من جلد الذات لأننا قبلنا أن نلصق بأسماء آخوة لنا في الوطن لقب(مسيحي) ويجب أن يعلم الجميع أننا كلنا أقباط سواء مسلمين أو مسيحيين لأن قبطى تعنى مصري لغويا وهو جزء من أخطاء مشهورة لم يفطن لها أحد من السادة حملة الدكتوراة ورؤساء التحرير الذين تطوعوا لعلاج ازمة منفجرة بينما هم أنفسهم يمثلون بممارساتهم الإعلامية أزمة أكبر
كلنا في هذا الوطن أقباط وفقا للغة ومسيحيين ومسلمين وفقا للديانة في وطن لكل أبناءه دون نظر إلى دين أو جنس أو لون .... هذا ما كانت عليه مصر وهذا ما يجب أن تكون عليه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق