الخميس، 3 يونيو 2010

خطايا وزارة الثقافة المصرية


خطايا وزارة الثقافة المصرية
ميكانيكي يتحول الى مخرج وسبوبة اسمها الفرق القومية
عروض (تسليم العهدة ) لا يشاهدها إلا مقاعد المسرح
مهرجانات معروف لمن تذهب جوائزها مقدما ومسرحيات ميزانية انتاجها ألف جنيه فقط


لا أدري كيف يفكر المسؤولين عن الثقافة في هذا البلد ، أعلم أنهم ينفقون الكثير على وزارة الثقافة والهيئات والمؤسسات التابعة لها لكن في النهاية لا جديد على أي صعيد
لن أتحدث عن الفن التشكيلي و الأثار لكن أتحدث عن ما عاصرته فعليا حتى لا تأتي شهادتى مجروحة قابلة للتشكيك
وزارة الثقافة من المفترض أن تقوم بإثراء الحركة المسرحية في مصر خاصة أن المسرح في مصر خارج نطاق مسرح كباريهات موسم الصيف لا يجد روادا ولا تمويلا ولا مسارح أصلا كي تستقبل العروض ، وفي هذا الإطار كانت وزارة الثقافة تمارس دورها عن طريق إقامة العديد من المهرجانات المسرحية بداية من مهرجانات نوادي المسرح المسؤولة (نظريا) عن اكتشاف المواهب الصاعدة وتبنيها مرورا بإنشاء الفرق القومية وغيرها
وزراة الثقافة على مستوى مهرجانات نوادي المسرح تفضلت مشكورة فحددت ميزانيات ضخمة لتمويل المشاريع المقدمة إليها للمشاركة في هذه المهرجانات فهي تقدم للشاب الذي ينجح طرحه في الحصول على دعم وزارة الثقافة ، تقدم له 1000 جنيه مصري ، نعم وحتى لا يظن أحد أنني نسيت صفرا فهي تقدم ألف جنيه مصري بالتمام والكمال يصبح على مخرج العرض أن يصرف منها على الديكور والملابس ومعدات الصوت وغيرها
الطريف في القصة أن المخرج لا يحصل على مبلغه كاملا مكملا فهو لابد أن يدفع ، نعم (يدفع) ليحصل على شيكاته تماما مثلما تدفع لتحصل على أي شئ في مصر

النتيجة الطبيعية هو خروج عروض هزيلة نتيجة للتمويل أو قصر تقديم العروض الجيدة على شباب يستطيع الصرف على هذه العروض من جيبها الخاص بصرف النظر عن إحسان وزارة الثقافة
الفرق القومية المسرحية هي الأخري تمارس مهزلة أقرب للملهاة فيمزانيات هذه الفرق تحدد أجور محددة للممثلين وباقي أعضاء العمل المسرحي وبشئ من التحايل تصبح بعض القطع الخشبية الموجودة على المسرح أغلى من الذهب وبعض القماش القديم الذي تستخدمه هذه الفرق أغلى من القطن الطبي وبالطبع تذهب فروق الأسعار بين الواقع والحقيقة الى جيوب مسؤولي الصرف وجيوب مخرجي الوزراة
الطريف أن هذه الفرق في النهاية تقدم عروضها للكراسي الموجودة بالمسرح على طريقة تسليم العهدة فهي يجب أن تقدم عرضها لمدة 30 يوما وهي لا تملك جمهورا ولا يمكن أن تنفق على الدعاية ولا هي تهتم أصلا سوى (بالسبوبة ) لذلك فهي تعرض (على الورق ) والعروض تأتي لها لجان خاصة تستكمل الشكل العام وتقدم تقاريرها في عروض مسرحية لم يشاهدها أحد
منذ عامين تقريبا كان أحد مخرجي الثقافة الجماهيرية يقوم بإخراج مسرحية للفرقة القومية للفنون المسرحية للإسكندرية ، المخرج تفتق ذهنة عن اختيار عرض قديم كلاسيكي للكاتب السويسري دورنمت اسمه (قضية ظل الحمار) ، المسرحية كانت معدة من الأساس للراديو واعيد اعداداها للمسرح وبعد اختيار الممثلين وتوزيع الأدوار عليهم جاء دور الديكور الذي عهد به الى أحد مقاولي الديكور ممن يحملون لقب دكتور وكانت النتيجة حمولات لا حصر لها من الأخشاب التى شونت على خشبة مسرح الأنفوشي ثم عمل دائب من مجموعة من النجارين لصنع براويز...نعم براويز بأحجام كبيرة
ويبدو أن المخرج الذي أتت به وزارة الثقافة أراد أن يعمل وفقا لنظرية (فرح جنب طهور) فتعاقد مع شركة المصرية للإتصالات ليقوم بإخراج المسرحية التى تقدمها كل عام ضمن نشاطها المسرحي العمالي وبالفعل اختار لهم مسرحية (حكاية شعب كويس) وهي مسرحية من تأليف الكاتب المعروف محمود الطوخي وبدأ في اختيار الممثلين لكن العناصر الموجودة داخل شركة الإتصالات لم تكن لها علاقة بالتمثيل من قريب أو بعيد فيما عدا رئيس الفرقة الذي يصر على كونه نجما معروفا رغم أن لا أحد سمع به إضافة لإفتقاره مبادئ التمثيل المسرحي لكنه يمثل بمركزه الإداري
المخرج وجد ضالته في ممثلين من الفرقة القومية للفنون المسرحية التى يقوم بإخراج مسرحية ظل الحمار لها وقد كان ، بدأت البروفات للمسرحيتين ثم تحددت مواعيد العرض وكانت بالصدفة مواعيد متطابقة في أيام كثيرة واصبح علينا أن نصدق أن الممثل الواحد قادر على التواجد في مسرحين في وقت واحد أو نذهب الى ما ذهب اليه البعض من أن عرض الثقافة كان بمثابة (تسليم عهدة)
العهدة بالفعل تم تسليمها والمخرج تقاضي اجره عن العرضين والأخشاب التى شغل بها مسرح الأنفوشي دخلت المخازن ومسرحية وزارة الثقافة خرجت هزلية تماما لا جمهور ولا شئ يمكن أن نطلق عليه عرض ولا أي شئ لكن المهم أن الورق قد تم استيفاءه

مهازل وزارة الثقافة لا تنتهى ولكم أن تتخيلوا أن عرضا قدمته فرقة خاصة لا يعلم بأمرها أحد نال إعجاب الوزير أثناء عرضه في مهرجان المسرح التجريب ، العرض ذكي في فكرته التي تقوم على ضرب تابوهات المجتمع لكنه عرض منقول عن عرض اخر نصا وحرفا واخراجا والقائمين على العرض لأنهم يعرفون من أين تؤكل الكتف أتوا براقصة فنون شعبية ووضعوا اسمها على العرض بإعتبارها هي من قام بإخراجه ليسايروا موجة مناصري المرأة
وزارة الثقافة لم تبتلع الطعم بمفردها لكن أيضا دولا مغاربية ابتلعت الطعم ودعت العرض ليقدم على مسارحها وحتى الآن أصبح من المعتاد أن تقوم هذه الفرقة باختيار نص صارخ يدور حول تابوهات الجنس ليضعوا عليه اسم نفس المخرجة ثم تتوالي الجوائز وسط ذهول العارفين ببواطن الأمور

وزارة الثقافة لا تدرك أن مهرجانا مثل مهرجان المسرح التجريبي أصبحت سمعته بين الوسط المسرحي سمعة حسنة فبينما جوائز المهرجان شبه معلومة من اليوم الأول وبينما نعرف جميعا قدر المجاملات السياسية المفروضة فعرض أو ممثلة من فلسطين يجب أن تحصل على جائزة , وعرض المخرج الفلاني لابد أن يفوز لأن المخرج تفضل وقبل المشاركة ، وعرض معين يجب أن يحصل على أي شئ لأنه لفت النظر وكان مؤهلا لحصد الجوائر لكنه عرض لا يقف خلفة أحدا ذو حيثية وهنا يتم ترضية هذا العرض بجائزة يمكن أن تبتكر لحظيا أو جائزة لا معنى لها

وزراة الثقافة لم تتعلم من أخطائها ولا أظن أنها ستتعلم فعندما احترق المسرحيون في بنى سويف لم يلتفت أحدا لأن العروض التى احترق ممثليها وفنانيها كانت عروضا ممولة بألف جنيه فقط لا غير وهو تمويل لا يوازي بنزين سيارة أحد مسؤلي قصور الثقافة أو المسؤلين عن أي فرع بها كما أن وزارة الثقافة التى قدم وزيرها استقالته ردا على ما حدث في بنى سويف لم تتغير ولن تتغير فهي حين قررت أن تقتحم مجال السينما المستقلة أعطت الفرصة لمخرجين لا يحتاجون الفرصة عبر أفلام الديجيتال لأنهم يجدون فرصهم تماما في السينما التجارية
وزارة الثقافة لا تدري أو لا تريد أن تدري أنها مع ضعف رقابتها على العملية الثقافية في فروعها المختلفة قد ابتلتنا بأشخاص فاقدي الموهبة والثقافة أفضلهم حاصل على مؤهل تحت المتوسط ولو كانت الأمور تسير وفقا للشهادات الحاصل عليها لكانت مهنته لحام أو ميكانيكي ديزل لكن وزارة الثقافة التى يسعد من يقومون على مراقبة عروض فرق الأقاليم بها بعشاء على البحر وأكلة سمك جاءت بميكانيكي وشباب متعثرين تعليميا وفتيات أقصي ما يعرفونه عن المسرح أن له ستارا ، جاءت بهم وأعطتهم صكا بأنهم مخرجين ومبدعين وعلينا نحن أن نتحمل نتائج هذا الإبداع الذي يبدعون أو نتهم بأننا لا نعرف كيف نشاهد
وزارة الثقافة أصبحت مثل ديناصور ضخم لا يشعر من فرط ضخامته وترهل جسده بوخزات الإبر التى تطال قدميه
هل السبب أن الوزير فنان تشكيلي ؟ بالطبع لا فليس مطلوبا منه أن يكون مسرحيا وسينمائيا وفنانا تشكيليا وعالما بالأثار في وقت واحد لكن مطلوبا منه بالتأكيد أن يحسن اختيار معاونيه لأن هؤلاء المعاونين في النهاية وصلوا بوزارة الثقافة الى ما نحن عليه الآن
إذا كانت مهمة وزارة الثقافة هي توفير (سبوبة) لمن لا عمل له فقد نجحت في ذلك في حالات كثيرة ، واذا كانت مهمتها هي تحويل شباب قد يكون قادرا على الكسب والعمل في مجالات اخرى الى شباب يجلس على المقاهي يتحدث عن ابداعاته التى لا يفهمها سواه فقد نجحت أيضا
وإذا كانت مهمة وزارة الثقافة هي المحافظة على معدل تشغيل عالي لأدوات الإضاءة والصوت وإشغال الفنادق الرخيصة التى تستضيف الفرق المسرحية هزيلة المستوى فهي على هذا المستوى قد نجحت أيضا
أما اذا كانت مهمة وزارة الثقافة هي اضافة جديد الى المسرح ودعم المسرح الحقيقي الذي يتواري كل يوم لحساب مسارح كباريهات السائح العربي فهي وللأسف قد قصرت تماما وستجعل من مصر دولة تنظر الى مسرح تنتجه دولا أقل منا شئنا وأحدث منا عهدا بالحياة نفسها ، ستجعلنا ننظر إليها على أنا تملك مسرحا وفرقا وأناس يقفون خلفه فعروضنا لن تستطيع مجاراة عروض المغرب وتونس ولولا بقية من تاريخ ومجهودا يبذله البعض بشكل مستقل لكانت مصر بدون مسرح ولا فن ..ولا ثقافة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مرفوع من الخدمة
تصميم : يعقوب رضا