الخميس، 11 فبراير 2010

هشام طلعت مصطفي وكيف يعيش خلف القضبان



غرفة رجل الأعمال هشام طلعت المحكوم عليه بالإعدام هي غرفة صغيرة وتري النور وتطل علي الحديقة وبها مروحة تخفف حر الصيف الشديد و"دولاب" ملابسه واحتياجاته الشخصية وتليفزيون بالصالة وفي الغرفة المجاورة له مباشرة المتهم عمر الهواري الذي يقضي عقوبة السجن في قضية القتل الشهيرة التي ارتكبها منذ عدة سنوات في مطعم بمركز "أركاديا" التجاري بكورنيش النيل بمنطقة بولاق أبوالعلا

 ويلتقيان ويتحدثان في جلسات فضفضة كل منهما للآخر بهمومه بعد حياة العز التي كانا يعيشان فيها وفي نفس المكان غرفة ثالثة يقضي فيها ضابط شرطة عقوبة السجن 10 سنوات لاتهامه في قضية مخدرات ولكنه ليس له علاقة برجل الأعمال. وفي غرفة أخري بعض الجنود المحبوسين لاتهامهم في مخالفات ودائما ما يقومون بمساعدة هشام وخدمته فيما يحتاجه.
كان رجل الأعمال المتهم يقضي حياته منذ القبض عليه وحبسه هو ومحسن السكري ضابط الشرطة السابق المتهم الأول في القضية المسجون حاليا بليمان طرة حياة هادئة وطوال فترة المحاكمة علي اعتبار أنها أزمة وستنتهي وخاصة "هشام" الذي وعده محاميه أنه سيخرج من القضية للتشكيك في أدلة الاتفاق الجنائي والتحريض والمساعدة للسكري علي قتل سوزان تميم ومرت أيامه الأولي في البداية بلا مشاكل واطمئنان وقد كان يمارس حياته بشكل شبه طبيعي ويحاول التمسك قدر استطاعته حتي لا يفقد هيبته وهو بملابس السجن البيضاء المخصصة للمساجين الذين لم تصدر ضدهم أحكام ومازالوا محبوسين علي ذمة قضايا وروائح العطور المستوردة تفوح منه دائما حتي أنه إذا ما صافح أحدا تظل الرائحة في يد الطرف الآخر لوقت كبير ويشتمها الجميع وأنه يغسل يده بالمعقمات والمواد المطهرة عند مصافحة بعض الأشخاص كما كان يلعب كرة الطائرة والتنس في حديقة السجن الخضراء مع ابن الفنان فؤاد المهندس الذي يقضي عقوبة السجن هو الآخر بنفس المكان ولا يتناول هشام إلا الطعام الفندقي والمشروبات التي تحضرها له أسرته في الزيارات المستمرة وتكفي لعشرات الأشخاص أما طعام السجن فلا يعرف عنه شيئا ولا يدخل إليه. ويدخن سجائر مستوردة بنية اللون لا يعرف معظم من حوله حتي اسمها لكنه يقدم منها لمن يجالسه.
لكن حياة رجال الأعمال هشام طلعت تغيرت وبدأ يشعر بالحزن وصدمة حقيقية جعلته يفقد توازنه ويشعر بأنه أصبح في ورطة عندما فوجيء في جلسة 21 مايو الماضي بعد انتهاء هيئة المحكمة من سماع الشهود ومرافعتي النيابة والدفاع بإصدار قرارها بإحالة أوراقه هو و"السكري" إلي المفتي للتصديق علي حكم الإعدام شنقا. هنا ظهرت حالة الانهيار واضحة علي رجل الأعمال أكثر من "السكري" ليعود للسجن في سيارة شرطة ترحيلات القاهرة وحراستها وهو مهموم لا تحمله قدماه ودموعه تنساب علي خديه وهو يردد بين لحظة وأخري في هيستريا محدثا نفسه "إعدام ليه؟".. "إعدام ليه؟".
في ذلك اليوم الذي صدر فيه قرار الإحالة إلي المفتي لم ينم هشام طلعت وارتفع ضغطه لعدة أيام حتي تم تهدئته من أفراد أسرته بعدها أثناء زيارته وطبعا لم يكن النطق بالحكم في جلسة الخميس الماضي بإعدامه مفاجأة لأنه متوقع بعد قرار الإحالة للمفتي فكان تأثره أقل.
بداية اليوم
ويوم المتهم هشام طلعت في السجن فهو يبدأ حينما يستيقظ صباحا ليأخذ حمامه ويصلي ويظل يقرأ القرآن ويسبح ويدعو ربه حتي يتم فتح باب "زنزانته" من إدارة السجن في السابعة صباحا ولمدة 12 ساعة حيث يخرج بعد تناول طعامه وشرابه للحديقة الخضراء بملعب كرة الطائرة والتنس ولكن بدون لعب كما كان يفعل قبل إحالة أوراقه للمفتي إذ كان من طقوسه اليومية قضاء بعض الوقت في ممارسة هذه اللعبة مع ابن الفنان فؤاد المهندس السجين معه ولكن بعد إحالته للمفتي أصبح شارد الذهن يميل إلي الوحدة. يحرص علي قراءة الصحف والمجلات يوميا لمعرفة ما يخصه منها وما يجري في الدنيا وحوله بعض المساجين الذين يتطوعون لخدمته من قبيل التقرب منه كرجل مشهور غير متوقع له تلك الظروف ولعطفه عليهم بما يحتاجون في الوقت الذي كان يرافقه بالحديقة أيضا اثنان من الضباط لتأمين حياته وحرصا علي عدم مضايقة أحد له.
وفي حوالي الحادية عشرة صباحا يحضر أهله وأفراد أسرته لزيارته ويتركون سياراتهم علي الباب الخارجي ويدخلون بسيارة شرطة ميكروباص إلي الداخل ومعهم المأكولات الفندقية وكراتين العصائر والفواكه الطازجة بكافة أنواعها والمياه المعدنية التي تكفي لعشرات الأشخاص ويساعد بها الكثير لأنه أصبح لا يأكل إلا القليل حتي أصبح جسده ضعيفا عما كان في البداية بسبب قلة النوم والتفكير.
بمجرد وصول أسرته يتوجه لمقابلتهم في مكتب أحد الضباط أو المأمور ويحضر المقابلة كاملة ويظل معهم للدواعي الأمنية طوال وجودهم معه للتخفيف عنه وحتي نهاية اللقاء في الرابعة عصرا. ويعود لحديقة السجن أو غرفته إلي أن يحين وقت إغلاق الغرفة في السابعة مساء.. ويحرص هشام علي أداء الصلاة في أوقاتها بمسجد السجن ولا تفارق المسبحة يده حتي يدخل زنزانته ويغلق عليه الباب إلي الصباح التالي لتتكرر نفس الأحداث في برنامجه اليومي الذي لا يتغير واليوم الوحيد الذي لم يكن فيه زيارات ولا يستطيع أي زائر دخول السجن فيه هو يوم الجمعة حيث لا تسمح فيه بالزيارات


ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مرفوع من الخدمة
تصميم : يعقوب رضا