الاثنين، 15 فبراير 2010

معركة الحجاب قبل الحساب



هل يجوز أن نقول إرتدت المرأة حائط؟

في خضم الجدل المحتدم حول الحجاب ينبغي تسليط الضوء على عدة نقاط.
لقد تربت النساء في مجتمع ذكوري أبوي يحاول باستماتة المحافظة على مكتسباته في مواجهة الحداثة والتنوير وقد صب في عقل المرأة أنها عورة لابد من سترها وعوملت كمعادل موضوعي لفكرة الشيطان.
وفي المقابل يلوح لها بجزرة الدرة المكنونة والجوهرة المصونة إذا التزمت بالحجاب وقرت في بيتها.

وفي اعتقادي أن المحجبات نوعان، المحجبة التي نشأت فوجدت هذا الزي هو المقبول في المجتمع فارتدته واستمرت في ارتدائه، والمحجبة المنظمة في تيار الإسلام السياسي على سبيل الاقتناع بارتداء الحجاب كواجب شرعي والإعلان السياسي المنتشر في كل مكان من البيت إلى الشارع إلى التليفزيون ، وهذا الإعلان السياسي له أهمية بالغة لتيار الإسلام السياسي وهذا هو جوهر القضية الحقيقي رغم المراوغة والمواربة، فهو 


كل دين كان له حجاب يميزه

إعلان دائم ورسالة تبين مدى الانتشار في المجتمع كما أنه جزء من منظومة فكرية متكاملة. ولعل هذا يفسر مدى شراسة أنصار ذلك التيار في الرد على من يعارض الحجاب، ففي معارضته تقويض لجهد استمر سنين وأتى ثماره دعاية ودعوة وفرضاً لرؤيتهم.


والأمر المثير للانتباه هو أن المرأة تزايد على الرجل في الدعوة للحجاب والدفاع عنه وسب معارضيه ، ولعل هذا على سبيل تصفيق الجماهير تلقائياً للدكتاتور عند مرور موكبه رغم سبهم له فيما بينهم قبل أن يمر مباشرة وهذا أكبر دليل على نجاح الدكتاتور في قهر الإنسان وتحطيم إرادته وتغييب عقله. ولا أكون مبالغاً إذا قلت إن أنصار تيار الإسلام السياسي يمارسون حريتهم عن طريق إطلاق اللحية ولبس الحجاب والجلباب من نفس المنطلق، وإن كانت " حرية ضد الحرية " إذ إنهم لا يستطيعون مثلاًً تطبيق بقية أفكارهم في ظل سلطة الدولة.

والحجاب واللحية يخدمان أيضاً مفاهيم المفاصلة والتميز وأحياناً الاستعلاء وهي من صميم فكر هذه التيارات. 

لذا لابد لمعارضي الحجاب أن تكون رؤيتهم للقضية رؤية شاملة فهي ليست قضية غطاء رأس فقط وليست أيضاً مسألة جدل فقهي بين فريقين، وأي مقاربة تجزيئية في هذا الصدد لن تؤتي ثمارها.


والغريب أن أغلب من يخوضون في هذا الجدل الدائر حول الحجاب ويدافعون عن حرية المرأة في عدم ارتدائه هم من الرجال ، ولا أعتقد أن المرأة ستنال هذه الحرية إلا بنفسها لأن المعركة في الأصل معركتها هي.


وبقي أن أشير إلى أن مصطلح الحجاب، كغيره من المصلحات في حياتنا، لا يستخدم في معناه الأصلي وينطوي على مغالطة مقصودة مما يدل مرة أخرى على البعد السياسي والاجتماعي للقضية. فالحجاب في اللغة هو الساتر وليس غطاء الرأس أو الشعر، ولم يرد في القرآن أيضاً إلا بمعنى الساتر( وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ) فلا يجوز أن تقول ارتدت المرأة الحائط أو الساتر أو شيئاً من هذا القبيل.
بقلم ياسر يونس

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مرفوع من الخدمة
تصميم : يعقوب رضا