كلنا أصابنا من صعود نجم البرادعي فخرا مثل ما أصابنا من نوبل أحمد زويل ونوبل نجيب محفوظ ، وكلنا لا يجهل لأحد منهم قدره ، بل نقول أن منا من أشفق مثلا على زويل عندما حاول أن يصبغ بعض علمه على مصر لا لشئ إلا لأنه كان مصطدما في طريقه لا محالة بطبقة التكنوقراط المصري الأصيل الذي يستطيع تفسير القرارات الفوقية على هواه فمهما أخذت المستويات العليا من قرارات هو قادر على دفنها في مدفنه الخاص في إنتظار تطابق اللوائح والقوانين وهكذا إلى أن ينسى أولى الأمر القصة بكاملها
كان هذا مكافأة لأحمد زويل مخترع الفيمتو ثانية الذي بحث عن قيمة حقيقية للوقت لدي طبقة الموظفين فاكتشف أنهم يعيشون طبقا (للفيمتو قرن ) فرحل الى حيث تولى منصب المستشار العلمي للرئيس أوباما
أما نجيب محفوظ فقد تلقى مكافأته على هيئة طعنات في رقبته من أحد مطلقي اللحية بإعتبار أن كل ما جاء منه كفر وقد وجد وقتها من يقول أن من رشح نجيب محفوظ لنوبل هو بيت خبرة يهودي...هكذا دون مواربة
أما البرادعي فأمره يختلف، هو يجد نفسه رجلا ذو خبرة وهذا لا شك فيه ولكن خبرته هذه اكتسبها في النمسا وعبر رحلاته في أنحاء الأرض والرجل ديمقراطي على النسق الغربي للديمقراطية لا يجد حرجا في أن يسمح للجميع بحرية الرأي لدرجة أنه يجد من المناسب السماح للإخوان المسلمين بإنشاء حزبهم الخاص
أذكر البرادعي أن المكارثية وجدت في امريكا قلعة الحريات في العالم لأنهم وجدوا أن الشيوعية التى تصدم فلسفتهم في الصميم يمكن أن تستشرى في وسط المعدمين الأمريكان والشباب المقبل على الأخذ بموضة الشيوعية وقتها فأخذوا بأكثر أساليب القمع الفكرى لأنهم خشوا على بلدهم من انتشار الشيوعية التى ثبت فيما بعد فشلها الذريع
هنا في مصر نحن نحتاج قدرا كبيرا من المكارثية ضد فكر اليمين الدينى والاخوان على رأسه فلا يجوز أن يسمح سياسيا أيا كان لهم بتكوين حزبهم ثم ينقضوا علينا بعد أن يملكوا الأمر ليهدموا أي مظهر ديمقراطي موجود ببساطة لأنهم لا يعرفون عن الديمقراطية سوى بعض كلمات يطلقون عليها الشورى ويرجعون في أرائهم الى الخلف الصالح الذي توفي من ألف عام ولا أظن ان افكار هذا السلف صالحة للاستخدام الآن
حدد البرادعي أنه جاء الى مصر للتشاور والجلوس مع جميع اطياف قوس قزح السياسي المصري وأعود لأقول يا دكتور برادعي لا يوجد لدينا ألوان سياسية ولا أحزاب سياسية وتذكر أن هذه الأحزاب تعاملت معك بمنطق استقدام اللاعب المحترف للفوز بالبطولة فهي على مدار عقود لم تنجب شخصا واحدا قادرا على أن يفرض نفسه كرئيس أو حتى منافس على رئاسة وقد وجدوا فيك بغيتهم فلا تترشح على قوائمهم التى باعوها مرارا وتكرارا للأخوان والمستقلين وتجار المخدرات
دكتور برادعي وجد عن حق أن أزمة مصر في التعليم وهو محق في هذا لكن هذا الامر لن يحتاج لرئيس في واقع الأمر بل يحتاج لوزير تعليم يضع خطة ناجحة مستغلا الفترات الطويلة التى يقضيها مستوزرا ليحقق خطته كاملة
دكتور برادعي وجد أن المناخ واللوائح غير مناسب وينتظر تغييرا يسمح له بالترشح للرئاسة لكني أقول له أن شيئا لن يتغير وأنك بكل خبرتك لا يجب عليك الترشح ببساطة لأنه ليس ملعبك
مصر ملعب في منتهى الصعوبة غير واضح المعالم لمن يأتيه بعد غياب لأشهر معدودة فما بالك بمن غاب عنها سنوات ؟
كلمة أخيرة : لا تسمح لهؤلاء بأن يضعوك في مواجهة جمال مبارك فهو في هذا المعترك من صغره ولديه مؤيديه وهو لم يسمح على الاطلاق بالحوار مع طوائف لا مناص عن اقصائها مثل الأخوان المسلمين كما أنه يعرف عن حق أن أحزابنا هي مجموعة من المشاريع التجارية أنشأها أصحابها للحصول على التمويلات وتأشيرات الحج وحصص الورق المدعوم وبعض المكاسب و أن التغيير وقيام أحزاب حقيقية سيكون من رحم النظام نفسه بعد أن يعيد فرزه وتفعيله بعد أن فشلت القوى الأخرى أو ألصقت بنفسها عار التعامل مع الخارج أو اكتفت بالنرجسية التى يمرض بها رؤساء الأحزاب في مصر
دكتور برادعي مرحبا بك في مصر التى لا تعرفها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق