السبت، 23 يناير 2010

ثقافة البداوة ..سينما نظيفة سينما نص غسلة





الآن تغزو المحجبات شاشة التليفزيون والسينما ونرى موالد تُنصب واحتفاء مستفزابالأخوات العائدات اللاتى كنا نظن أنهن أرحن واسترحن بحجابهن واحتجابهن. المشكلة ليست فى هجرة فنانات للشاشة أو عودتهن بعد أن انتهت صلاحية أغلبهن وإنما مكمن الخطر فى الخطاب المترافق مع الغياب السابق والحضور المفاجئ وحملات التسويق الضخمة لهن وإظهارهن بمظهر الفاتحات الملائكيات على نحو يفتح الباب لأسئلة مشروعة من قبيل.. لماذا اختفين، ولماذا عدن بعد هذه السنوات من الفتاوى المجانية عن حرمانية الفن.



وما يجوز وما لا يجوز شرعا؟ وهل ثمة من يقف وراء هذه الخطوة أو تلك؟، أو بالأحرى هل ثمة جهات تقول لهن تحجبن الآن، وأعلنّ التبرؤ من الفن باعتباره حراما؟، ثم عادت وقالت لهن عدن الآن، وتحدثن عن الفن الذى يرضى الله ورسوله بحجاب عصرى وافرضن ذوقا معينا وصورة معينة تصدّر لكل فتاة؟، أم أن المسألة تقف عند حد البيزنس والاستثمار التجارى للمناخ المحافظ الذى بات يحاصر مصر مع غياب مشروع قومى له بعده التنويرى؟!. أظن أن أمر العودة ليس عاديا وإنما مخطط، ويمكن اعتبار ما يجرى ظاهرة بكل المقاييس يصح تفسيرها من أكثر من زاوية، فلا يمكن إنكار إغراء المال والشهرة، ولا يجب كذلك استبعاد وجود أطراف خفية تحرك أخواتنا اللامعات وتجعل منهن رموزا لمرحلة انحطاط حضارى.


وليس أدل على ذلك من المساحات الإعلامية التى تفسح لهن بشكل يبدو كإعلان مدفوع، وإسناد برامج فى الفضائيات لبعضهن يمارسن فيها الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر،عن جهل واضح، بعد أن باتت الفتاوى مباحة للجاهل والعالم على حد سواء، ثم كان غزو شاشة التليفزيون والسينما بتفصيل أدوار لمحجبات فضليات يعلمننا الأخلاق والفضيلة!!. والحديث عن السينما النظيفة ذلك المصطلح المثير للغثيان الذى يبدو كحق يراد به باطل، أو كبديل عن مصطلحات راقية لطالما سمعناها وراقت لأجيال امتلكت الوعى بدورها ورسالة الفن من قبيل السينما الهادفة التى تثير الذهن وتلتزم بهموم المجتمع وأحلامه، مع عدم التخلى عن الوظيفة الأساسية للفن وهى الإمتاع. وللأسف يتورط تليفزيون الدولة، الذى هو فى الأساس تليفزيون الشعب، فى مثل هذه اللعبة الجهنمية التى يبدو فيها بوضوح التحالف الانتهازى الأصولى من خلال تأجير برنامج مثل البيت بيتك للترويج للمرحلة الانتقالية باتجاه التطرف، أو ربما استغلال بعض أخواتنا لصداقة محمود سعد فى اختراق حاجز النسيان والعودة المظفرة للملايين والشهرة بخطاب متهافت يحمل نبرة التردد والسذاجة. فعلى مدى أقل من شهر أفسح هذا البرنامج من وقته الكثير لتطل علينا الحاجة شهيرة والأخوات صابرين وعبير صبرى وحلا شيحة وسهير البابلى و الشيخة سهير رمزى، التى تساقطت منها عبارات تبرر مدى انزعاجنا من عودتهن غير البريئة وغير الاعتباطية، حيث صرحت بأنها تحجبت بعد إلحاح من شهيرة على الذهاب لجلسة دينية لداعية لم تسمه، وأنها عندما قررت العودة تحدثت مع شهيرة وأخذت بفتوى داعية لم تسمه أيضا، دون أن نعرف من هم هؤلاء الدعاة، وما دورهم، وكذلك ما هو دور الحاجة شهيرة بالتحديد؟!!. فالأمر يجب أخذه على محمل الجد ولا يجب التهوين من شأن هذه الظاهرة المزعجة التى ستدخلنا تدريجيا إلى حلبة التعصب والانغلاق وفقر الفكر، بعد ضرب حصار حول الإبداع وفرض قيم ليست فنية على الفن، وذوق لا يليق سوى بالمجتمعات البدوية لا بمجتمع طالما انفتح على العالم، فى جو من التسامح والحرية. وحين تطل الرجعية برأسها وتتحالف الانتهازية مع الأصولية الدينية لغاية إرجاعنا إلى العصور الوسطى لابد أن نقف ونقول: لا، لا.. لإقحام الدين فى الفن، لا لفرض ثقافة البداوة وإن تغلفت بقشرة لامعة 
.

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مرفوع من الخدمة
تصميم : يعقوب رضا