السبت، 30 يناير 2010

ثورات المصريين على الاحتلال العربي والديكريتو العمري


تحدثنا في ما قبل حول اسباب الغزو العربي لمصر سواء ما كان منه شخصيا يخص قائد الغزو عمرو بن العاص أو ما يخص دولة العرب في شبة جزيرتهم
وقلنا اننا سنتعرض لثورات المصريين ضد الحكم العربي على مصر لنثبت أن دخولهم لم يكن مرغوبا فيه من قبل المصريين –إلا من والاهم لأغراض شخصية أو مصلحة آنية- وسنعدد ثورات المصريين على الحكم العربي
لكن قبل ذلك



 ابد ان نعرف ما هي شروط التسليم او ما اصطلح على تسميته بين الدول المتمدنة (معاهدة التسليم) لنرى هل التزم بها هؤلاء العرب اللذين يدعون دائما أنهم يحفظون عهودهم
أيضا يجب ان نعرض اشكالا من اشكال معاملة العرب للمصريين تحت الاحتلال فما حدث في مصريلخص ما حدث في الشام والشمال الافريقي اللذي ابتلى بالغزو العربي وربما كان ابتلاءه أفظع لكننى احترم كوني مصريا ولا اريد الحديث عن شمال افريقيا كي لا يعتبرني البعض اتدخل فيما لا يعنيني أو ما هو ليس من حقي

في البداية لا ننكر ان مصر نفسها بالحالة التى وجدت عليها ساعدت العرب على غزوها ولو لم تكن مؤهلة لغزوة من ألاف قليلة مثل قوة الجيش الغازي لذاب هذا الجيش على ارض مصر لكن كان هناك ادوار مرذولة للكنيسة المصرية يجب ان تتحمل تبعاتها امام التاريخ قبل ان يتحدث اباء الكنيسة منددين بالغزو فعليهم ان يعتذروا لشعبهم عن دورهم في هذا الغزو ودورهم في احباط محاولات المصريين للتحرر حفاظا على مكاسب دنيوية او مكاسب تخص كنيسة على حساب اخرى او ما درج العرب عليه من نصر مذهب مسيحي على مذهب اخر وكان بالتالي راعي المذهب المسيحي بعد ذلك ينسى شعبه وينجرف مهادنا او ينصح شعبه بالصبر (وهي نصيحة كلفتهم مصر كلها بعد ذلك) لذا يجب ان ينال كل ما يستحق امام التاريخ

لم يأت العرب الى مصر إلا عندما كانت كنيستها منقسمة على ذاتها انقساما مريرا لسبب يبدو انه عقائدي او انه عقائدي المنشأ لكن هناك من امتطى الخلاف مطية ليحقق مكاسب شخصية ادت الى تشتت السلطة الدينية في البلاد
كان هناك فريق من المسيحيين يقول بلاهوت المسيح بينما هناك فريق اخر يقول بناسوته وحتى نسهل الامر فاللاهوت هو الجزء الإلهى من المسيح (في عقيدة المسيحيين) والناسوت هو الجزء الإنساني من المسيح (في عقيدة المسيحيين) وتبنى رهبان الكنيسة المصرية فكرة ان المسيح لاهوته طغى على ناسوته مشبهين ذلك بأن ناسوته اصبح كنقطة من خل سقطت في برميل من الماء  بينما تبنى رهبان الكنيسة الرومانية فكرة ان ناسوته يغلب على لاهوته بما يعنى انه انسان بأكثر مما هو إله وهو اعتقاد محكوم بحكم نشأة رهبان الكنيسة الرومانية نشأة أوروبية واقعية التفكير بينما أباء الكنيسة المصرية نشأتهم تحتوى على ثقافتهم الموروثة من الفراعنة والتى دائما ما تنحو نحو الظواهر الخارقة والألوهية الخالصة
لم يكن احد يتخيل ان تنقسم البلاد دون قدرة على التوفيق بين المذهبين مما ادي ببعض المصريين ممن يأسوا من الاصلاح بين الكنيستين الى الهجرة نحو الشام فرارا من حالة تردي الافكار الحادثة جزء اخر خرج على مفاهيم الكنيستين فيما قبعت الكنيستان كل منهما يحاول جذب اكبر عدد من المناصرين والاتباع ولو بطرق تخرج عن كونها دينية وعن طريق وعود دنيوية أو حتى تهديدات تستند في حالة الكنيسة الرومانية الى امتلاكهم ناصية القوة في بر مصر فهي في النهاي كنيسة تدعمها قوة الروم العسكرية

في هذه الظروف تحرك عمرو بعد اتفاقه مع المقوقس هذا الشخصية الغامضة تاريخيا لدخول مصر ولم يتوقف إلا امام حصن بابليون وبعد مناوشات ومعارك سلم الحصن في النهاية على شروط مكتوبة هي:
أن يدفع كل قبطي يتمسك بدينه دينارين عن كل سنة بصفة جزية يعفى منها الشيوخ و النساء و الصبيان وغير القادرين.
ألا يتعرض المسلمون للكنائس بسوء وألا يتدخلوا في شئون المسيحيين الدينية.
لكن الحادث أن العرب اثناء زحفهم على المدن المصرية أمر عمرو بن العاص بالقبض على القضاة الرومان وتكبيل أيديهموأقدامهم بسلاسل حديدية وأوتاد خشبية وقتلهم ومصادرة أموالهم, كذلك اغتصاب أموال المسيحيين ومضاعفة الضرائب على الفلاحين, كذلك الاحتفال بالمرتدين عن المسيحية والقيام معهم بالاستيلاء على أملاك المسيحيين ونعتهم بلقب أعداء الله.
وكان ذلك كما يبدو له أسبابه المادية فقد ارتبطت كل تلك الاحداث بالاستيلاء على الاموال بأية طريقة وأية حجة
وفي النهاية وبعد تمكن عمرو بن العاص من دخول الاسكندرية التى قاومت طويلا كان من اللافت للنظر الرسالة التى بعث بها إلى خليفته يسأله فيها الرأي حول المدينة فيقول:
لقد فتحنا بلدا لا اقدر ان اصف ما فيه ففيه اربعون الف بيت بأربعين الف حمام
 انظر الى لغة الخطاب فالرجل القادم من خيام البداوة تحير عندما وجد بيوت الاسكندرية المحتوية على حمامات وعلى حد قوله (ملاهي للموك) وهي الكباريهات بلغة العصر و (إرم ذات العماد) حيث ان بعض المسلمين عند فتح الاسكندرية عندما وجدوا كثرة عواميد الرخام بها ظنوها ارم ذات العماد التى وردت في القرآن

هذا الرجل تواترت الروايات حول حرقة لمكتبة الاسكندرية فيقال انه ارسل للخليفة الجالس في مكة يقتات وقتها بالخبز الناشف والزيت وكان العامل اللذي ارسله عمرو ليخبر الخليفة بفتح مصر قد مر على المسجد للصلاة اولا ثم ذهب لعمر بن الخطاب ليخبره بخبر الفتح فنهره عمر بن الخطاب على تأخره لأداء الصلاة واوضح له انه كان يجب ان يأتيه اولا
الى هذه الدرجة كانت لهفة العرب على فتح اي بلد وليس مصر فقط فهم ليسوا اهل زراعة او عمارة وهم اهل اغارة وكر وفر ويحتاجون دائما الى من يؤمن لهم مصدر العيش بديلا للخبز الجاف والزيت اللذي كانوا يقتاتون به عندما تشح الابل الشاردة في الصحراء
ما يهمنا حول حادثة مكتبة الاسكندرية ان عمرو بعث للخليفة بعد ذلك يسأله عن ما يفعل فرد الخليفة اللذي لم ير كتاب سوى المعلقات قائلا:
"وأما ما ذكرت من أمر الكتب, فإذا كان ما جاء فيها يوافق ما جاء فيها يوافق ما جاء في كتاب الله (القرآن) فلا حاجة لنا به, وإذا خالفه فلا أرب لنا فيه واحرقها".

ومما يؤيد مزاعم من قال بحقيقة هذه الحادثة ان هذه كانت عادة العرب مع المكتبات والكتب فأن للعرب سابقة حرق جميع كتب الفرس بإلقائها في الماء والنار, وهذه الحقيقة التي ذكرها بن خلدون
ولا شك ان المقاومة التى وجدها عمرو بن العاص من المصريين الخارجين على تعاليم الكنيسة التى طالبتهم بالهدوء والصبر كعادتها كانت سببا في محاولته الانتقام عبر التنكيل بكل ما هو مصر ليجعل منهم عظة فيذكر ابن عبد الحكم المؤرخ المسلم في كتابه:
( وقد رأى نهائيا بعض الفقهاء أنه من الأوفق ان يصرحوا أن مصر فتحت صلحا فيما عدا قرى سلتيس ، مازيل ، بلهيت ، وأيضا مدينه الإسكندريه التى قاومت الفتح )
وقام إثنين من رجال الاقباط هم مينا وقزمان وضعوا أرواحهم للدفاع عن انفسهم وقراهم وقادا مجموعه من الاقباط المدربين على حمل السلاح ودافعوا عن قراهم فى بساله وشجاعه ضد جنود العرب المدربين جيدا على القتال
وقاومت مدن شمال الدلتا الغزو العربى مثل إخنا - رشيد - البرلس - دمياط - خيس - بلهيب - سخا - سلطيس - فرطسا - تنيس - شطا - البلاد الواقعه باقليم البحيره وغيرها  اما مصر السفلي(الصعيد) فقد ظلت منفصله تقاوم لمده سنه تقريبا


بعد ان استقر الامر للمسلمين في مصر احتاروا تماما في الطريقة التى يسلكون بها تجاه المصريين خاصة انهم كأي فرقة ايديولوجية لا تملك الا ان تتعامل من خلال برنامج عملها وهو هنا القرأن اللذي يحتاج تفسيرا وهذا التفسير من الشائع ان يختلف عليه اهل التفسير وقد وردت ايات كثيرة في القرآن حول معاملة اهل الذمة بداية من حسن المعاملة وانتهاء بعدم موالاتهم واتخاذهم اولياء
كانت الحيرة كبيرة لذلك طلب عمرو من خليفته اللذي يجمع السلطة الزمنية والدينية في نفس الوقت ان يحل هذه المسألة ويعطيه الجواب فرد عمر بن الخطاب بما عرف لدى العرب (بالعهد العمري) اللذي مجده كثيرا العرب ومؤريخيهم بإعتباره صفحة في تاريخ حقوق الانسان بينما كان قطعة مشتقة من ادبيات العنصرية

وعملا على ماجاء بالعهد العمري او ما عرف لدي الاوربيين بالديكريتو العمري ساءت احوال المصريين تماما
كان من نتيجة العهد العمري فرض الضرائب على المصريين والجزية وغلة الارض ونيتجة لذل دخل مصريين كثيرين الى الاسلام طمعا في الهروب من الضرائب المفروضة عليهم
خاصة بعد ان شرع عمر بن عبد العزيز (الملقب بخامس الخلفاء الراشدين) (99ـ101ھ) بفرض نوع جديد من التحقير على الأقباط وهو احلال المسلمين  محل المسيحيين حتى في الوظائف الصغيرة, وأعقب ذلك بكتاب رسمي يأمر الأقباط المتمسكين بمسيحيتهم أن يتخلوا عن وظائفهم ومن يريد منهم الاحتفاظ بعمله فعليه بالدخول في دين محمد, أدي هذا المنشور إلى تحول عدد من المسيحيين ذوي الوظائف العليا للدخول في الاسلام. كذلك فرض عمر على أحياء الأقباط ضرائب من مات منهم حتى يجبرهم على الدخول في الاسلام.
وكان ان شجع الخلفاء بعد ذلك نزوح القبائل العربية إلى مصر وسكناها بها لتحقيق ما يمكن ان تسميه بلغة عصرنا (تغيير الطبيعة الديموجرافية للمكان) وكثرت هذه الهجرة بوجه عام في خلافة هشام بن عبد الملك (724ـ744).

ثورة بشمورية
بعد ان يأس المصريين من أي تقدم قد تحرزه الكنيسة في تعاملها مع الغزاة وأي فرصة لعودة العرب الى بلادهم قام إثنين من رجال الاقباط هم مينا وقزمان وضعوا أرواحهم للدفاع عن انفسهم وقراهم وقادا مجموعه من الاقباط المدربين على حمل السلاح ودافعوا عن قراهم فى بساله وشجاعه ضد جنود العرب والاروام جيدا علىالقتال وهو ما يعرف بثورة بشمورية
وأهل البشمور هم سكان ساحل الدلتا بين فرعى رشيد ودمياط، حيث كانت تحيط بها المستنقعات والأحراش التى تعيق حركة جنود الفاتحين والذين لم تكن لهم الدراية بطبيعة المنطقة، مما ساعد البشموريين على إعطاء جنود الغزاة درسا سيخلده التاريخ.
يقول ساويرس بن المقفع مبررا لثورتهم :عامل العرب البشموريين علي الاخص غاية القسوة فقد ربطهم بسلاسل الي المطاحن وضربوهم بشدة ليطحنوا الغلال كما تفعل الدواب سواء بسواء فاضطر البشمورين ان يبيعوا اولادهم ليدفعوا الجزية ويتخلصوا من الام العذاب. ولما اقتنعوا نهائيا ان هذا الظلم لايحده الا الموت وان بلادهم كلها مستنقعات تخللها الطرق الضيقة التي ينفردون بمعرفتها, وانه يعد من المستحيل علي جيوش المسلمين ان يغزوها فقد اتفقوا علي اعلان الثورة ورفضوا دفع الجزية
و وطدوا العزم علي مواصلة القتال وأخذوا يصنعون لانفسهم الاسلحة وحاربوا الخليفة علانية ورفضوا دفع الجزية
والحقيقة أن حربهم  كانت أشبه بحرب نظامية استعملت فيها أستراتيجية وقد أسفرت هذه الثورة عن هزيمة جيش الغزاة هزيمة منكرة. وفرّ أمامهم الوالى يتبعه جُباة الضرائب، الأمر الذى جعل المأمون الخليفة العباسى  يُرسل أخاه المعتصم على رأس جيش قوامه أربعة آلاف جندى ليدعم جيوش الاحتلال فى اخماد الثورة المصرية وعلى الرغم من وحشية الحملة وذبح الأطفال والشيوخ وانتهاك الحرمات، إلا أن الثورة لم تخمد مما اضطر المأمون إلى ارسال جيش آخر من بقيادة "أفشين" بغرض التنكيل بالثوار "فحاربوه وقتلوا من الجيش عددا وافرا، ثم جرد عليهم عسكر آخر فكسروه
 وتقول الدكتورة سيدة الكاشف: " وقد فشل أفشين" تماما في اخماد ثورة البشموريين مما اضطره أن يكتب الى المأمون " طالبا امدادات للقضاء على الثورة. ويقول  الدكتور جمال الغيطانى: " إن الارتباط بالأرض نتاج طبيعى للوضع التاريخى والجغرافى والحضارى لمصر، فإذا ما أراد عدو أن يزحزح الانسان المصرى عن أرضه، فإلى أين يذهب إذ ليس حوله إلا الصحراء من كل جانب. وإذن فإما يموت شهيداً فوق أرضه أو يتجه إلى الصحراء

وفي سنة 824 أضطر الخليفة المأمون أن يزحف من إلى مصر على رأس قوة حربية لإخماد الثورة التى فشل أمامها كل قواده لكنه واجه الهزيمة هو الآخر وهنا برز دور الكنيسة

كاد الثوارأن  يفتكوا بجيش المأمون لولا أن الخليفة استدعى الأنبا ديونيسيوس البطريرك الإنطاكى و الأنبا يوساب الأول وطلب منهما تحت التهديد أن يتعاونا معه وقد أجابا بكل أسف طلب المأمون وحررا للثوار رسالة بها نصائح ومواعظ يحُثا فيها الثوار أن يلقوا بسلاحهم
ويسلموا أنفسهم لولاة الأمير
وكان لهذا اكبر الأثر في انشقاق بعض الثوار عن قيادة الثورة وشيوع فكرة انهم يقفون ضد صحيح الدين وضد نصائح الكنيسة في الوقت اللذي قاد الخليفة الجيش بأجمعه  إلى معركة اخيرة

وكما تذكر د. سيدة اسماعيل الكاشف " ركز المأمون جميع قواته ضدهم وأعمل فيهم الجند السيف وأحرقوا مساكنهم وهدموا كنائسهم. وتضيف الخريدة النفيسة " دخل الجيش بلاد البشمور وحرق مدنها ودمر كنائسها وقتل صغارها وسبى نساءها وأجلى الخليفة رجالها إلى جزر الروم الخاضعة له وإلى بغدادا". وهكذا ابيد البشموريين علي بكرة ابيهم

ثورة أهل رشيد
وقعت في فترة  خلافة أبي جعفر المنصور العباسي وولاية يزيد بن حاتم بن الهلب بن أبي صفرة على مصر (762ـ769), قام الوالي بإضطهاد البطريرك مينا الأول إضطهادً شديداً فقام اهل رشيد بالثورة  فأرسل الوالي قوة من الجيش لمحاربتهم, ولكنهم هزموا هذا الجيش واضطر الوالي لتجريد غيره الى ان اخمد الثورة وكعقاب للأقباط قام بهدم الكثير من كنائس مصر وخاصة كنائس مدينة الفسطاط.

ثورة اهل الحوف

وقعت أحداثها في عهد  الليث بن الفضل (799ـ803), حيث تظلم أهل الحوف من المساحين لعدم دقتهم, فلم يستجب الوالي لتظلمهم, فتجمهروا وساروا نحو الفسطاط, فلما خرج الوالي لمحاربتهم هزموه  لكنه أعاد الكرة وتمكن من هزيمتهم  فقتل منهم عدداً كبيراً, وذبح زعمائهم, وحمل معه رؤوسهم وعلقها على أسوار الفسطاط, ليكونوا عبرة لكل من يفكر في الثورة لكن هذه القسوة تسببت في اندلاع الثورة في اماكن اخري
والحقيقة أن ثورات اهل مصر رغم تعددها لم تنجح في اخراج العرب من مصر تماما كما لم تنجح كل الثورات التى قامت ضد العرب في باقي انحاء المناطق التى اغتصبوها وربما مرجع ذلك في اجماله ان العرب كانوا يشعرون انهم لا يملكون ما يعودون اليه في جزيرتهم فيقاتلون قتال اليائس وكان من وجهة نظرهم انهم رابحون في كل الاحوال فإما جنة ينعمون فيها بالغلمان والنساء وخمر اهل الجنة و إما النصر حيث يحصلون على كل ذلك في الحياة الدنيا
أما أهل مصر وسائر البلدان التى ابتليت بغزواتهم فكانوا اهل مدن مستقرة لديهم ما يخافون عليه
وفي حالة مصر تحديدا كان هناك دور الكنيسة التى كانت تنزع كعادتها نحو التهدئة باعتبارها حكمة وتجنب الحرب باعتبارها خطيئة وتبالغ في صبرها وحثها على ترك السلاح منتظرة عونا غيبيا لا تدركه الأعين فكان ان اضعفت كثيرا من ثورات المصريين ، كذلك كانت تحاول دائما المحافظة على بيعاتها (أراضيها الزراعية) وكانت تخشى من هدم الكنائس والاديرة ، وربما كان ما حدث في ثورة البشموريين اقرب الثورات الى اخراج العرب من مصر خير دليل على ما قامت به الكنيسة عامدة او مخدوعة مما سهل للعرب اخماد اقوى ثورات المصريين

ما يهمنا هنا هو التأكيد على ان الاحتلال العربي لمصر لم يكن مقبولا في يوم من الايام ولم يكن حكما هادئا ولم تفتح مصر سلما فيما عدا اجزاء الفرما (السويس حاليا) ولم يكن حكمهم حكم عدل بل حكم استند الى الديكريتو العمري الشهير اللذي حاول ان يوفق بين آيات القرآن التى ورد بها ما يدل على معاملة اهل الذمة وبين احتياجات العرب من احتلال مصر
 فخرج هذا الدكريتو العمرى او العهد العمري في الصورة التى ترونه عليها قطعة ادبية في تكريس العنصرية لقوم لم يكن ينقصهم نصيحة باتباعها

في المقالات القادمة سنتابع عرض تاريخ معاملة المصريين تحت الاحتلال العربي لمصر كما سأحاول توفير المواد التى تنقص الباحث عن هذه الفترة لندرتها ومشقة الحصول عليها

الديكريتو العمري 
بعد أن غزى المسلمون مكة عام 636 بدأوا في ارسال رسلاً إلى عدد من الدول والامارات يدعوهم للدخول في دينه, من بين هؤلاء الحكام قيرس (المقوقس) حاكم مصر, ملك الفرس, النجاشي ملك الحبشة و الحاكم البيزنطي.
وهناك عدد من الاحاديث المنسوبة للرسول والتي توضح أن مصر كانت في فكره دائماً منها:
* "استوصوا بالقبط خيراً؛ فإنكم ستجدونهم نعمة الاعوان على قتال عدوكم".
* الله الله في قبط مصر, فإنكم ستظهرون عليهم ويكونون لكم عدة واعواناً في سبيل الله".
* "قبط مصر فإنهم أخوال واصهار وهم اعوانكم على عدوكم واعوانكم على دينكم" ولم سئل "كيف يكونون اعواناً على ديننا يا رسول الله" قال "يكفونكم اعمال الدنيا وتتفرغون للعبادة".
 وقال ايضاً " لو بقى ابراهيم ما تركت قبطياً إلا وضعت عنه الجزية".
لكن الحادث أن وقع المسلمون في حيرة في بداية فتوحاتهم بين احكام  القرآن بشأن المختلفين في الدين وحاجتهم لهم من اجل تسيير أمور البلاد خاصة المالية منها. فالقرآن يضع اموراً واضحه بشائنهم منها:
·        سورة آل عمران: 28 "لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنيين".
·        سورة المائدة:51 "يا ايها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء, بعضهم أولياء بعض, ومن يتولهم منكم فإنه منهم, إن الله لا يهدي القوم الظالمين".
·               سورة التوبة:8 "كيف وإن يظهروا عليكم ولا يرقبوا فيكم إلا ولا ذمة يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم وأكثرهم فاسقون".
صاغ عمر هذه الآيات في صورة شروط, يحيط كثيرٌ من الشك حول نسبها لعمر, ذلك لأن المؤرخين للفتوحات الإسلامية أمثال:أبن عبد الحكم والكندي والبلاذري لا يذكرونها. واحد فقط يذكرها بوضوح وهو القلقشندي في كتابه "صبح الأعشى" وقد لخص هذه الشروط في: الجزية والضيافة والإنقاد (الإنقياد) لاحكام المسلمين, وعدم ركوب الحمير بالشكل الطبيعي بل يجعل الراكب رجليه في جانب واحد, أن ينفرد المسلمون صدر المجلس وصدر الطريق, التمييز عن المسلمين في الملبس, أن لا يرفعوا ما يبنون على جيرانهم المسلمين, وأن لا يحدثوا كنيسة ولا بيعة فيما أحدثه المسلمون في البلاد.

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مرفوع من الخدمة
تصميم : يعقوب رضا