الأربعاء، 11 مايو 2011

بالتفاصيل : الإخوان والسلفيين إتفقوا على تقسيم مصر بتمويل سعودي ومباركة أمريكية وخطة بديلة في حالة الوصول للإنتخابات


بالتفاصيل : الإخوان والسلفيين إتفقوا على تقسيم مصر بتمويل سعودي ومباركة أمريكية وخطة بديلة في حالة الوصول للإنتخابات

نحن نتحدث عن خطة مكتملة الأركان تقوم على فرضيتنين طرحتهما العربية السعودية على الإخوان المسلمين والسلفيين والجماعات الإسلامية لضمان عدم وصول حكم وطنى ديمقراطي إلى سدة الحكم في مصر
الفرضية الأولي تقوم على أساس نجاح مصر في تجاوز مرحلة الإحتقان الطائفي بصورة أو بأخرى والوصول إلى مرحلة الإنتخابات البرلمانية التى تعد الأهم من وجهة نظر السعودية حيث يصبح البرلمان المصري القادم هو من سيكتب الدستور المصري الذي ستخضع له مصر لفترة لا يعلمها أحد وهنا كان هناك تأكيد سعودي واضح على ضرورة أن يمثل التيار الإسلامي التابع لها أغلبية ساحقة في هذا البرلمان وفقا لخطوات سنعرضها تفصيلا
الفرضية الثانية تقوم على أساس سقوط مصر في مرحلة فوضى طائفية كاملة قد تهدد شكل الدولة المركزية المصرية المعروفة وهنا أيضا كان هناك تفاهم سعودي أصولي على شكل النظام القادم في أجزاء من الدولة المصرية وكيفية دعمه وتأسيس الدولة الإسلامية الجديدة في مصر كدولة حاضنة لتيارات إسلامية مدعومة من السعودية وباقي الممالك الخليجية المهتمة بإظهار نتيجة الثورات في المنطقة على أنها محتومة بالفوضى أو التفكك


البداية كانت وسط أحداث ثورة 25 يناير فينما كان الإخوان قد أحجموا عن المشاركة بطلب سعودي واضح يطلب من فصيلين يسيطر عليهم تماما أن يدعموا نظام مبارك بعدم المشاركة في أحداث مظاهرات يناير بينما كان تفسير الطلب على مستوى الفصيل السلفي هو القيام بكل ما من شأنه تأمين بقاء النظام المصري ودعمه على الأرض إذا لزم الأمر
مع تصاعد أحداث يناير وبعد مشاورات مكثفة مع الجانب الأمريكي توصل الجانب السعودي من خلال القناة المباشرة للإتصال بالمخابرات الأمريكية إلى تحليل يرجح أن بقاء مبارك في الحكم أصبح مسألة أيام وأنه مالم يتنحى مبارك عن الحكم فإن النظام بأكمله سيسقط وهنا بدأ التنسيق بصورة مختلفة
الجانب الأمريكي عقد لقاءات مكثفة مع قيادات الإخوان في مصر بينما الثورة مازالت مشتعلة في الميادين المصرية وكان الإتفاق المعلوم حول ضمان أمن إسرائيل كأولوية أولي وشكل النظام الإقتصادي والبنكي في حالة وصول الإخوان للحكم لكن الإخوان كانت لهم رؤية أشد وضوحا فهم لا يريدون الحكم الفوري لمصر بعد سقوط مبارك فالفترة التى تلي مبارك ستكون فترة مضطربة ومن سيصل إلى مقعد الرئاسة سيتحمل تبعات ثقيلة وربما يفقد الفصيل السياسي الذي يصل للحكم شعبيته نتيجة للصعوبات التى ستواجه الدولة المصرية لذلك أوضح الإخوان أنهم يفضلون أن يحتفظوا بأغلبية مناسبة في البرلمان المصري تمكنهم من تحقيق دور حيوي يمكن من خلاله إصابة العملية السياسية بالشلل كما تمكنهم من تمرير ما يجدونه في صالحهم وذلك في الأربع سنوات التالية لسقوط مبارك من خلال تغييرات شكلية على النظام وحتى الإنتهاء من وضع دستور دائم وبينما سيتحمل الرئيس القادم الفترة الصعبة فإن الإخوان والتيار الإسلامي سيكون بعيدا عن الحكم وإن لن يكون بعيدا عن البرلمان وبذلك يمكن أن يستفيد الإخوان والتيار الإسلامي في العموم من التبعات الثقيلة للفترة المقبلة دون أن يفقدوا شعبية على الأرض ودون أن يكون الشعب المصري قد إختبر طرحهم عمليا وبذلك يصبح وصولهم لسدة الحكم من خلال دستور تم تفصيله على مقاسهم وذو خلفية إسلامية أمرا واقعا لا محالة
إلى هنا أصبحت الأدوار محددة فأمريكا ستقدم دعما ملموسا لمصر لكنه لن يكون كافيا لتغادر مصر منطقة قطعة الفلين التى لا تغرق لكنها لا تطفوا بينما ستقدم أمريكا الإخوان من خلال أجهزتها الإعلامية على أنها الفصيل السياسي الإسلامي الأكثر إعتدالا وقدرة على التجاوب مع الغرب
السعودية من جانبها أصبحت ملزمة وفقا لإتفاق الخطوط العريضة بأن تقدم للإخوان دعما ماليا محسوسا يمكنهم من تقديم خدمات ملموسة على أرض الشارع المصري في مرحلة يسعى الجميع لأن يصبح دور الدولة الخدمي على الأرض شبه غائب فيقوم الإخوان بتقديم العون في العلاج الطبي و الخدمات الأساسية وحتى تنظيف الشوارع وهو ما يمثل قياما فعليا بدور الدولة وقد رصدت السعودية بمفردها مبلغ خمسة مليارات دولار علي مدار السنوات الأربع القادمة بينما خصص جزء كبير من مشروع خيري الواجهة هو مشروع كافل اليتيم لتسليح وتمويل الجماعات الإسلامية الأخرى التى ستقوم بدور الترهيب على الأرض دفعا تجاه فكرة محددة وهي أن الإخوان المسلمين هم فقط من يمكنهم لجم شبح التطرف الذي يحيط بمصر

إتفاق الخطوط العريضة تطرق أيضا للفرضية الثانية وهي أن لا تصبح مصر هي الدولة المركزية التى نعرفها جميعا وهنا لم يكن هناك رفضا أمريكيا بينما كان هناك ترحيب سعودي بالأمر في حالة وصول الأمر إلى هذه الدرجة في مصر فخلال فترة الإنفلات والفوضي التى تسود مصر من الدارج وبشدة أن تتحول مصر تحت الضغوط الطائفية بالأساس التى ستنجم عن محاولة طرح فكرة الدين كمكون رئيسي من مكونات الدولة وما سيستتبعه ذلك من تنافر مع تيارات أخرى على الأرض يكون أوضح مثال لها هو الكنيسة المصرية والمسيحيين المصريين إضافة إلى قوى أقل تأثيرا على الأرض لكنها ستنضم إلى تخوفات المسيحيين المصريين وهي القوى الليبرالية واليسارية والعلمانية والتى هي على ضعفها وقلة أعدادها على الساحة إلا أنها ستمتلك زخما متزايدا نتيجة تخوف قطاعات كبيرة من الشعب المصري من فكرة (أسلمة الدولة) وهنا فإن الدولة ستظهر كما لو كان هناك فصيل عالي الصوت قادر على الحركة في الشارع هو الإسلاميين بينما هناك فصيل رافض لكنه صامت وهو الليبراليين الذين من المرجح أن يكتفون بالكتابة والمناشدات والتوعية وهو ما سيقصر تأثيرهم على المدن بينما يغيب تأثيرهم في الريف فيما يصبح المسيحيون أكثر شعورا بالضغط الإسلامي
هنا من المتوقع بالنسبة لإتفاق الخطوط العريضة الذي تحدثنا عنه أن يحدث شئ من إثنين فإما أن يحدث تحالف عالي النبرة وعلى الأرض بين كل الرافضين لفكرة الدولة الإسلامية التى تطل على المجتمع المصري وأن يتحول الرفض إلى عمل على الأرض وإما أن يؤثر الجميع السلامة ويقبل الجميع بالقادم المجهول تحت شعار أن المجتمع لا يريد أن يتحرك
سيناريو الحركة على الأرض كان معلوما أنه لن يتم سوى بمبادرة مسيحية غائبة دائما لكن من الممكن إستدعاءها عبر تنفيذ عمليات نوعية ضد أهداف مسيحية عن طريق الجناح المتطرف او الفصيل العسكري للتيار الإسلامي وهم السلفيين أو الجماعات وعليه فقد تزيدت السعودية بعض الشئ نتيجة لمخاوفها من شكل الدولة المصرية القادمة وعدم ثقتها بقدرة الإخوان على الإحتفاظ بالحكم في مصر مع تزايد الإنتقادات الموجهة لهم طوال الوقت وقررت أن تدفع بالسلفيين إلى واجهة الأحداث حتى دون إتفاق مع الإخوان فظهرت على السطح أحداث مهاجمة المسيحيين وإرهاب المسلمين عن طريق الضغط على النساء من أجل الحجاب والنقاب
هنا فقط يصبح واضحا من وجهة النظر السعودية أن مصر يمكن أن تتحول إلى دويلات متناحرة تكتفي السعودية بدعم الجزء الإسلامي فيها بينما لم يكن هناك ممانعة كبيرة من الجانب الأمريكي من حدوث الأمر مع ترحيب إسرائيلي متزايد بالأمر برمته

في النهاية جاء موعد التنفيذ على صعيد الفرضيتين وعلى صعيد فرضية بقاء الدولة المركزية رغم كل الأحداث ووصول مصر إلى مرحلة الإنتخابات البرلمانية والرئاسية كان الدفع في إتجاه تعدي الدستور بلجنة مكونة بحضور إخواني قوى عبر طارق البشري وصبحي صالح ثم عبر الرشاوي التى قدمت في الإستفتاء والتجاوزات التى شابت العملية برمتها ثم في النهاية أصبح واضحا أن التيار الإسلامي لا يتحدث عن نسبة 30% من مقاعد مجلس الشعب لكنه يتحدث عن سيطرة واضحة وقدرة متزايدة على منح بركات المرشد العام للرئيس القادم من عدمه  فجرى عقد لقاء (6 أكتوبر ) الذي جمع الإخوان والسلفيين والجماعات الإسلامية للتنسيق بينهم بحيث يحصل الإخوان على نسبة تتجاوز 40% من المقاعد بينما يحتل السلفيين نسبة أخرى فيما يسيطر منتسبى الجماعة الإسلامية على مقاعد الوجه القبلي وبذلك يصبح البرلمان القادم إسلاميا جملة وتفصيلا وهو ما يجعل فكرة ظهور الدولة الإسلامية مسألة وقت لا أكثر ولا أقل في حالة إستمرار شكل الدولة الحالي في الوجود إلى مرحلة الإنتخابات

أيضا تمت عملية تنسيقية كبرى بين الإخوان والسلفيين والجماعات الإسلامية فيما يخص خطة العمل وبرنامجه في حالة تصاعد مواجهة المجتمع ضد مشروع الدولة الدينية وهو ما لمسه التحالف الإسلامي عندما ألقى ببالونة الإختبار علي الأرض من خلال قيام عناصر من رجال ونساء السلفيين بتشكيل ما يمكن أن نطلق عليه توصيف (شرطة مصر الدينية) وقد ظهرت في البداية بالمعادي الجديدة و بمدينة 6 أكتوبرحيث قامت مجموعات من جماعات من السلفيين  بالطرق علي أبواب المنازل لدعوة الرجال إلي صلاة الجماعة في المساجد إعمالا لفكرة  الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أما النساء فقد تعرضن لمضايقات في الشوارع سواء من رجال أو نساء سلفيات بحجة عدم إرتدائهن النقاب
المفاجأة أن التيار الإسلامي لمس رفضا واضحا لما يطرحه وفسر الأمر وفقا للمنهج الذي يضعونه بأن الدولة قد تغيرت هويتها وأصبح لزاما على أهل الدعوة فرض الأمر الواقع
الأمر الواقع هنا وهو ما أصبح مفهوما من قطاعات من المجتمع المصري هو القيام بعملية تقسيم للدولة بين مسلمين وما هم غير ذلك من علمانيين ومسحيين وغيرهم مع قناعة واضحة من التيار الإسلامي بأن تواجدهم المؤثر في مناطق الريف والمناطق الشعبية قد لا يصبح كافيا لممارسة دور حاكم على عموم الدولة لذلك فقد أصبح التقسيم أحد الحلول المطروحة بإعتباره حلا مؤقتا شبهوه بأنه يشبه خروج الرسول من مكة ثم عودته لها بعد الإستقواء وهو ما يفسر على أرض الواقع بأن يقنع التيار الإسلامي بالسيطرة على مناطق العاصمة والدلتا بينما يتنحى جانبا في كثير من الأجزاء الجنوبية من مصر ويتنحى عن المنطقة الجغرافية التى تبدأ من الإسكندرية إلى الحدود الليبية مع تنحيه أيضا عن منطقة سيناء بالكامل وحصر عمله على الأرض في مناطق وسط الدلتا والعاصمة بإعتبارها فسطاطا مختارا لحين التمكين

الشكل الذي تم الإتفاق والتوافق عليه بين الإخوان والسلفيين والجماعات الإسلامية بدعم سعودي أمريكي سمح بعودة ثلاثة آلاف مقاتل إسلامي من الصومال وأفغانستان إلى مصر دون ممانعة أمريكية لتبقى مصر أمام طرحين لا ثالث لهما حتى اللحظة في ظل غياب جهاز أمنى حقيقي وفي ظل غياب إرادة حقيقية للتصدي فإما أن تتحول مصر لدولة دينية وهو ما يبشر بأن تتحول مصر بالكامل إلى مناطق نزاع وربما كانتونات مسلحة لما هو متوقع من رفض كثير من المناطق السكانية وكثير من القطاعات لهذا الطرح وإما أن تتحول مصر لدويلات منفصلة كل منهم يستعد للحظة الحسم
السيناريو بدأ التنفيذ بالفعل والأطراف محددة بدقة والعمل على الأرض يسير حثيثا ولا ندري هل يدرك من يقولون بأن مصر لا يمكن أن يحدث فيها ذلك أن هذا ما يحدث بالفعل على أرض الواقع أم أنهم فقط يشل الخوف تفكيرهم

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مرفوع من الخدمة
تصميم : يعقوب رضا