إخلعوا الحجاب
من يتذكر مصر في خمسينات وستينات القرن الماضي لابد أنه سيتذكر أن الدولة التى إمتلكت مشروعا وطنيا بصرف خلافنا في الرأي مع صاحب المشروع وأهدافه لكنه هذه الدولة كانت دولة مدنية بالكامل إنحسر فيها دور الدين إلى داخل المسجد والكنيسة بينما أصبحت مصر رغم كل الظروف التى مرت بها ورغم أداء سياسي معيب في أحيان كثيرة شامخة تتحرك فتتحرك منطقتها بالكامل وفي ظل هذه الأجواء كانت مصر سافرة الرأس حليقة اللحية تتذوق فنون الموسيقى والمسرح دون ملل وتعشق السهر إلى جانب النيل
وإذا عدنا لفترة سابقة على ذلك لوجدنا أن مصر البرلمانية الملكية كانت تعرف كيف تقدم للعالم كتابا ومفكرين ومطالبين بالحريات وبرلمانات ناضجة تولي فيها المدنيين وزارات الداخلية كما مثل المسيحيين نسبة حقيقية داخل البرلمان والوزارات المتعاقبة ليس من خلال كوتا للإستهلاك الإعلامي ولكن لأن مصر كانت وهي بكامل وعيها تختار وفقا للأصلح وليس وفقا للأطول لحية وألصق صلة بالعربية السعودية
مصر في هذا الوقت كانت تختزل كل موضات العالم في أزياء نساءها ورجالها وتنتج للعالم كله ما يكفيه من القطن وتقدم نموذجا لدول كانت حديثة عهد بالوجود وليس بالإستقلال وبينما كان رعايا ممالك الخليج يخشون النطق بإسم مليكهم كان في مصر ملك يستأذن برلمانه ليكمل نفقات زواجه مع كل ما قيل عن فجور فاروق سواء بحق أو بباطل بينما كانت ومازالت ميزانيات الدول التى ترعي الإسلام تذهب في معظمها لنفقات الأسر الحاكمة التى تدعم الإسلام الوهابي نهارا وتلهوا به على موائد البوكر في المساء
مصر التى كانت لا تفضل نساءها إرتداء الحجاب على الرأس ولا يفضل رجالها الإقتضاء بالسلف ووضح الطرحة الرجالية على رأسهم بينما يطلقون لحاهم الكثة التى تحتاج منظفات العالم كله لوقايتها من الجراثيم العالقة بها
مصر التى كانت لا تعطي الدين سواء المسيحي أو الإسلامي أكثر من حجمه الطبيعي بإعتباره علاقة بين المصري وربه دون أن يمنح كهنة الدين أنفسهم الحق للتدخل لتقريب وجهات النظر لم تشهد حرق كنيسة أو مواجهات على الأرض في جهاد لا يعلم أحد لماذا تسكت عنه دولة أدمنت تقبيل اللحى وسياسة المواءمات والإعتماد على مجموعة من كهنة الإسلام يغذون من خلال تقاعس وزارة ندرك حاليا أن من يجلس على رأسها أحد أقطاب التيار الدينى المتبعين للتقية كالخلايا النائمة ويأبي أن يحال المتهمين في حدث إرهابي إلى القضاء العسكري بينما يرحب بسن قوانين ضد متظاهري التحرير الذين أجلسوه على مقعده ويصدق على إحالة طلبة وثوار إلى المحاكم العسكرية بينما يستأذن إرهابيون في قنا في إستضافته بصوته الضعيف ونغمته المتخاذلة وحديثه الذليل
مصر التى كانت اليونان تقدم دعايتها لشواطئها قائلة : (فصل الصيف في اليونان كأنك في مصر ولكن بأسعار اليونان) لم تكن نسائها ترتدي خيام البدو فوق أجسادهن ولم يكن رجالها يرتدون السراويل القصيرة ويظهرون وجوه الشياطين ذات اللحي الكثة والعيون النافرة ويلوكون السواك بينما يتناحرون على فتاة ساقطة إتخذت الدين مطية لفراش رجل آخر
مصر التى لم تعرف فكرة حجاب الرأس ولا حجاب العقل كانت أفضل من كل ما قدمه لنا الإسلام الوهابي وحملة ألويته من إخوان وسلفيون وجماعات بينما طابوره الخامس وصل حتى إلى رئيس إتحاد الإذاعة والتليفزيون الذي وضعه عصام شرف على رأس الإعلام كما وضع رئيس البيت الفنى ليتعاون الإثنان في تفصيل حجاب كبير يكفي مصر كلها تمهيدا لدولتهم الإسلامية التي لان نعترف لها أو لهم بشرعية وسنكون أول الخارجين عليها مهما حاولوا إقناعنا بأن صندوق الإنتخابات المدعوم من خمسة مليارات دولار مبللة بالنفط هو مقياس مقبول ووقتها سيكون عليهم الإختيار إما المواجهة بكل أشكالها أو الرحيل إلى جزيرة الملح الواقعة بين البحر والصحراء ليمارسوا هناك ما أرادوا من طقوس التخلف والرجعية بينما مصر ستسقط الحجاب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق