حتى لا نظلم الجميع
حتى لا نظلم الجميع في قضية خالد سعيد هناك كلمة حق لابد أن تقال وأجد نفسي مضطرا لقولها رغم أننى أعرف أننى سأتعرض لكثير من التجريح وكثيرا من النقد والإتهام لكن كما أن الساكت عن الحق شيطان أخرس في قضية خالد سعيد فإن الساكت عن الحق شيطان أخرس أيضا عندما يتعلق الأمر بالإساءة لأبرياء أو أخذ الكل بذنب البعض
كنت أدرك منذ بداية إفتتاحي لموقعي الذي تطالعونه الأن أنه في بلد مثل مصر لا يحدث شئ بعيد عن أعين الدولة وفي ظروف دولة مثل مصر يمكننى تفهم ذلك تماما لذلك عندما هاجمت الكثيرون سوء أنظمة حكم ودول أو أفراد ومؤسسات داخل مصر كنت أتوقع أن يصلنى على الأقل مكالمة من الجهاز الذي يتحدث عنه الجميع وأقصد تحديدا جهاز أمن الدولة لكن شيئا من ذلك لم يحدث
ظللت أواصل الكتابة مرارا وتكرارا دون أن أتعرض لمضايقات من أي نوع مباشرة أو مباشرة ولو حتى عن طريق المضايقات الإلكترونية التى يعرف عنها كل المدونين لكن شيئا لم يحدث
رسخ ذلك في نفسي شيئا كنت أدركه من البداية منذا أن عملت صحفيا في أحدي الجرائد في فترة عانت مصر فيها من نيران الإرهاب وكان من الطبيعي ان يكون كل شئ تحت السيطرة المباشرة للجهاز الذي تصدي للإرهابيين وكان طبيعيا أن أحل زائرا مرات على مكاتب أمن الدولة ذلك الجهاز المثير للحيرة والرعب في نفوس المصريين على خلفية تاريخ لا ينساه المصريون في الستينات لكن ما أدهشنى أن وجدت نمطا آخر من الضباط يتميزون بدماثة الخلق وسعة الأفق لم يحاولوا يوما التدخل في ما أكتب لا من قريب ولا من بعيد
جمعتنى الصدف بعد ذلك وسط تعامل كان يخص تصوير أحد الأفلام التى تقدمت بها لمهرجان دولي بنفس الجهاز وكان النص المعد للتصوير مثيرا للجدل وكانت المفاجأة أن يقول لي أحد ضباطهم : ليس من حقنا مصادرة رأيك عبر عنه كما تشاء
عندما تسلمت الجائزة الممنوحة لي عن الفيلم من مهرجان اليونان الدولي تذكرت وجه هذا الضابط الذي لا تجمعنى به قرابة ولا صداقة ولا معرفة من بعيد ولا من قريب
أعلم أنهم مختلفون عن بقية ضباط الداخلية المصرية فهم منها بمثابة العقل وضوابط إلتحاق الضابط بجهاز أمن الدولة تجعلنى أشبه ضابط أمن الدولة بلوح الزجاج القابل للخدش نتيجة لحصوة صغيرة فسمعة ضباطه لا تقل في ضوابطها عن صرامة القضاء وسمعة قضاته واستمرار الضابط في هذا الجهاز يعنى أن لا شئ يدينه أو يشير له بإصبع الإتهام
لكن لماذا دائما تخرج العبارات والشعارات المعادية لأمن الدولة في كل المظاهرات ، الجواب أن أمن الدولة هو الجهة المخول بها التعامل مع السياسيين والسياسيين بطبعهم أصحاب صوت عال وحساسية خالصة تجاه كل ما يتعلق بأجهزة الأمن وهم لا يدركون فارقا بين الأمن الجنائي وأمن الدولة لكن الفارق بكل تأكيد معلوم ومن حسن حظ السياسيين حسب ما يدور أن يكون تعاملهم مع هذا الجهاز الذي لا يلوث يده لمصالح شخصية ويخضع لرقابة صارمة على ضباطه ومنتسبيه
أشعر أنه كان من واجبى أن أنوه عن ذلك لأن القضية الدائرة في النهاية تخص خلافا محوره المباحث الجنائية ومحققي الأقسام وشتان الفارق بين الإثنين
يبقى أن نقول أن من تواجهون في مظاهراتكم تحديدا هم عسكر مجندون قد لا يعنيهم ف كثير أو قليل كل ما يحدث ولا ذنب لهم في أخطاء مخبر أو أمين شرطة أو ضابط أساء التصرف وهم في النهاية يعانون ما تعانون يقفون في حرارة عالية في ظروف لن تتخيلوها ولا ينالون مقابل ذلك وجبة فاخرة ولا راتب ضخم فهم في النهاية هم وضباطهم ليسوا مسؤولين عن أخطاء غيرهم وإن كان لنا كثير من التحفظات على ممارسات عنيفة قد يتعرض لها الكثيرون إلا أننا لا يمكن أن نتخيل دولة بظروف مصر وبظروف البطالة المنتشرة وحزام البطالة المحيط بمدنها وعواصمها دون أمن قوي قادر على حمايتنا في منازلنا
قد يخطئ البعض لكن البعض لا تعنى الكل ، وقد يكون احتكاكك المباشر دائما مع أقسام الشرطة والمباحث الجنائية لكن لا داعي لكيل الإتهامات لجهاز قدم حياة العديد من منتسبيه في وقت حرج لإنقاذ مصر ومازال
أعلم أن عواطفكم ثائرة وأنا مثلكم لكن ما أعلمه علم اليقين أن وزير الداخلية حبيب العادلي لم يتورع في أي لحظة عن إحالة أي ضابط مهما كان مركزه ورتبته إلى التحقيق وإن كان اللواء حبيب العادلي له حساباته في الإعلان عن المحالين للتحقيق فيجب علينا أن نثق في رجل استطاع بعكس كثيرين من وزراء الداخلية السابقين أن يخرج بمصر من نفق مظلم دخلته على يد عصابات الإرهابيين ثم قدم خدمة أخيرة لمصر منذ أشهر قليلة عندما سافر الرئيس في رحلته العلاجية وأصبحت البلد بالكامل وهذا حقا في رقبته التى أرهقها تحمل الكثير من أخطاء باقي الوزارات
يمكن أن يكون مكتب الوزير قد ضلل من قسم سيدي جابر ففي النهاية لا عصا سحرية على مكتب الوزير ومكتب الوزير في مثل هذه الأحداث يطلب من القسم أو من مديرية الأمن التى يحدث فيها الخطب الجلل أن تفيده بالمعلومات وهنا يمكن أن يكون هناك نقل خاطئ للمعلومات قد يورط وزارة كاملة في خطأ فرد واحد
مزيدا من الثقة في وزير نحترم أداءه الأمنى لأقصي درجة ومزيدا أيضا من الثقة في رئيس نيابة جلس على الرصيف ليسجل شهادة سيدة عجوز في قضية خالد سعيد
أثق أن القضية التى هي الآن بين يدي النيابة ووزير الداخلية ستصل إلى الحقيقة وستنال العدالة من المخطئ وسيكون هناك توصيات لا شك تتعلق بأداء محققي الأقسام وضباط المباحث ممن كثرت الشكوى منهم
تذكروا أن قانون الطوارئ تغير وقانون الإرهاب لا يطبق إلا على المخدرات والإرهاب ومكتب وزير الداخلية لا يرفض الشكاوي بل يحقق فيها ومكاتب تفتيش الداخلية لا تترك صغيرة ولا كبيرة إلا وتتناولها بالتحقيق لكن بكل تأكيد هي تحتاج من لمزيد من المعرفة بحقوقنا والمطالبة بها لأنها بمنتهى البساطة لن تصل للحقيقة كل الحقيقة والمعلومة إلا إذا أبلغناها لكن الإستكانة والخوف من ضابط انحرف أو مخبر متربح لا يمكن أن نحملها لوزارة الداخلية كاملة ولو كان هناك تحرك من مواطن ضد فاسد في هذا الجهاز لكان هناك ردع لكن معظمنا يطلق حكما مسبقا أن الداخلية لن تفعل شيئا لضباطها ومخبريها وهو حكم خاطئ وستثبت الأيام القادمة أن في وزارة الداخلية شرفاء هم الأغلبية وهم من سيقتص لخالد سعيد ممن أزهق روحه فقليلا من الصبر وكثيرا من الحكمة وثقة مؤكدة في تحقيقات النيابة فدم خالد سعيد أصبح مسؤليتهم المباشرة وهي عنا جميعا تنوب في القصاص
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق