كيف قضى جمال عبد الناصر علي رواد صناعة السيارات في مصر
ناصر راهن على إعلامه كي يصدق المصريين أنه استطاع صنع سيارة مصرية
تحت شعار من الإبرة للصاروخ ناصر يعلن مولد أول سيارة مصرية مزورة
عندما سقط النظام الملكي في مصر على يد عسكر يوليو كانت من ضمن الشعارات الكثيرة التى رفعوها ولم ينفذوا منها شيئا شعار يتحدث عن التصنيع المصري ولأن أكثر الأشياء التى يشعر بها أي مواطن في العالم بصناعة بلده هي وسائل النقل فقد اتجه فكر ناصر الى الحديث عن صناعة السيارات المصرية محاولا تقديم سيارة مصرية للمصريين كأحد إنجازات الثورة ودليلا على مصداقية ما جاء به لكن للأسف جاءت السيارة المصرية مثلها مثل شعاره الكاريكاتيري (من الإبرة الى الصاروخ) ولم تخرج عن كونها شكل من أشكال الديكور الذي استخدمه وهو يعرض القاهر والظافر الذي سيدك إسرائيل
ناصر أراد أن يمسح من ذاكرة المصريين أن هناك صناعة سيارات كانت قد بدأت في مصر قبل أن يصل للسلطة دون أن تحتاج هذه الصناعة الى ثورة وانقلاب ودعم دولة لكنها قامت على أكتاف رجال أعمال مصريين كان نصيبهم التأميم وسرقة مصانعهم
بداية صناعة السيارات في مصر كانت من خلال دخول رجال اعمال مصريين مجال صناعة أجسام الأتوبيسات وتجهيز عربات النقل في شركات قطاع خاص مملوكة لأشخاص كانوا رواد في هذه الصناعة منهم الحاج فؤاد درويش والحاج محمد سالم (وهي الشركة التى أممها ناصر تحت اسم شركة مصر للهندسة والسيارات فيما بعد) والأسيوطي وشركة جورج حاوي (تم تأميمها تحت اسم شركة وسائل النقل الخفيف) وكانت هذه الشركة تنتج سيارة (أنجيليا)
عندما أراد ناصر أن يقدم للمصريين سيارته التى بشر بها لم يجد أمامه سوى تقديم سيارة أنجيليا التى اقتبس تصميمها تماما ووضع لها محرك ألماني وقدمت للمصريين تحت مسمي سيارة رمسيس على أنها سيارة مصرية مائة بالمائة
مع اكتمال سياسية التأميم التى اتبعها ناصر كان من الطبيعى أن تهرب من مصر كل الشركات الموجودة والتى كان من الممكن أن تؤسس صناعة سيارات حقيقية واكتفي ناصر بتحويل أسماء معظم هذه الشركات الى أسماء أخري استولى عليها وادارها من خلال القطاع العام الذي أبدعه فتحولت شركة مصر للهندسة والسيارات الى شركة مصر للهندسة والعدد بينما تحولت شركة جورج حاوي إلى جزء من شركة صناعة وسائل النقل الخفيف وشركة الحاج فؤاد درويش أصبحت حجر الأساس لهيئة النقل العام بالقاهرة
الفشل الذي تعرضت له الثورة في هذا المجال مع حالة النفور المتصاعد ضد توجهات الثورة لم يمكنها من عقد اتفاقات مع شركات أوربية لتنمية هذا المجال ولم تجد مصر تحت قيادة ناصر أحدا يقبل بالعمل على أرض مصر التى اشتهر عنها في هذا الوقت غياب المنطق في اتخاذ القرارات الإقتصادية والسياسية سوى شركة فيات التى اتفق معها النظام الناصري على صفقة مربحة للإثنين فشركة فيات ستقوم بإرسال سياراتها مفككة الى مصر التى ستعيد تركيب (تركيب وليس تجميع) أجزاء السيارات مرة أخرى في شركة أنشأها النظام الناصري تحت اسم (النصر للسيارات)
بالنسبة للإيطالين وشركة فيات كان الأمر يشبه وضع الماكياج على وجه عجوز مقابل الحصول على الأرباح لذلك قبلت شركة فيات بنزع شارتها واسمها المميز عن السيارة ووضع شعار النصر للسيارات المقتبس تماما من نفس شعار الفيات على السيارات التى يعاد تركيبها داخل مصر في صفقة مكنت شركة فيات من مواجهة تراجع مبيعاتها في الأسواق الأوربية نظرا لإعتماد شركة فيات في ذلك الوقت على تكنولوجيا غير مقبولة ومفضلة في الأسواق الأوربية ووسط منافسة شديدة من السيارات الألمانية والفرنسية
في النهاية طرح ناصر سيارات فيات الموضوع عليها شعارات شركة النصر في ثلاثة موديلات هي فيات 1100 وقد ذهب جزء كبير من هذه السيارات الى ضباط الجيش وسيارات 1300 ونموذج أكثر رفاهية تحت اسم نصر 2300
1100
1300
2300
كما نرى لم يكن هناك بداية حقيقية للتصنيع في مصر فيما يخص صناعة السيارات فكل ما في الأمر أننا كنا كمن افتتح مشروعا واسعا لتدريب العمالة على تفكيك واعادة تركيب أجزاء لعبة البازل مع وضع شعار مخالف للواقع ثم الترويج عبر آلة الدعاية المصرية الشرسة في هذا الوقت للتصنيع المصري الذي جاءت به الثورة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق