الأربعاء، 31 مارس 2010

من يحمي عروش الخليج


من يحمي عروش الخليج
حرب أكتوبر جعلتهم أغنياء والأمريكان يضمنون أمنهم
عندما بحثوا في تاريخهم لم يجدوا سوى التجربة الوهابية لينقلوا عنها
مازالوا يذكرون أن الدرعية سقطت على يد الجيش المصري


أعلم علم اليقين أنني أقترب من منطقة المحظور التى تمتد من الخليج الثائر إلى المحيط الهادر لكن هناك متعة لا تجدها إلا عندما تقترب من سور المحاذير الذي يحيط بدول الصحراء والبداوة ويحاولون وفق إمكانياتهم أن يمدوه كل يوم ليشمل ضمن ما يشمل كل يوم أرض جديدة تنضم الى ما سبق أن استعمروه في غيبة امبراطوريات الحضارة ليسيطر على العالم المعلوم وقتها برابرة الحضارة و قطاع الطرق
لكن في النهاية يجب ان نعترف أن هناك تغييرا يحدث وما كان مسكوتا عنه بقوة السلطان وبرهاب الدولة البوليسية قد ولى الى غير رجعة في العديد من الدول التى لا ينقصها سوى بعض الشجاعة –وهي قادمة لا محالة – لتعترف أن هؤلاء لم يقدموا لها سوى تأخرا بعد تقدم وفكر يمينى متخلف يشد اليه كل يوم عضو جديد ويتناسب في جذبه تنافسا طرديا مع عناصر قوتهم لكن هذه العناصر أوشكت على النفاذ مع اخر قطرة من بترولهم على المدى المعلوم ويومها بعد أن يجف النفط تماما ويجف المداد الذي يكتب به صحفيون في مصر والشام المغرب ستعود هذه الدول طواعية الى ركاب الحضارة الذي تركته منذ قرون تحت تهديد السيف حينا وتحت حجاب العقل أحيانا وبإرادة نفر من أبنائها اختاروا أن يبيعوا أوطانهم مقابل لقيمات يقتاتون بها من سادتهم الذين افتتحوا مكاتب اقليمية لهم في كل بلد جاورهم تحت مسمي جماعات اسلامية او خيرية أو غيرها من المسميات التى لا تبغى سوى تكبيل الأيادي و إخراس الألسنة وتغييب من يعلم حتى لا ينقل علمه للأخرين



قائد المجموعة التى احتلت الحرم من قبل حيث حرر الحرم بمساعدة اجنبية 
لن نغرق في الزمن كثيرا لكننى سأبدأ من أيام قليلة خرجت علينا فيها جريدة الراية القطرية التى ندر عدد قراءها في دولة لا تقرأ سوى الأوراق المالية فقط ، خرجت علينا جريدة الراية بحديث لم يتحر الأمانة منسوب الى المفكر سيد القمنى بما فحواه أن المفكر الكبير يطالب بإنشاء كعبة في سيناء بديلا عن الكعبة في السعودية وان سيد القمنى اعتبر أن هذه الكعبة ستوفر على مصر نفقات الحج الى مكة وهو ما سارع الرجل بتوضيح متصل في كل مكان أنه لم يقله بل طالب بإنشاء مزار في وادي طوى المقدس والذي لا يزوره أحد بسبب الإهمال وعدم مد الطرق المناسبة له وكان الرجل يبرر كل كلمة وكل حرف بشكل ربما أصاب مريديه بالإحباط
الرجل والحق يقال معذور فهو كلما نطق هاجمه الجميع ولم يجد نصيرا من داخل بلده التى تحول فيها سماسرة الأفكار الى كتبية تدافع ليس عن مكتسبات خليجية فقط بل ومكتسبات شخصية نحن نعلم أنهم حريصون عليها حرصهم على الحياة نفسها
كنا نتابع الرجل يبرر ويتراجع ونعلم تماما أنه طرح وجهة نظر لا أكثر ولا أقل فالرجل ليس بيده سلطان ليحول أفكاره الى واقع ولكن تباري العديد من المحامين المنتسبين الى الاخوان المسلمين في الهجوم عليه بينما حتى من لم ينضو تحت عباءة الاخوان هاجمه بإعتباره جاء بكفر بواح وكان الرجل يعتمد استراتيجية الدفاع وهو ما أخذته عليه لذلك سنعرض الأمر هذه المرة على طريقة تنجح دائما مع هؤلاء وهي طريقة الحرب الاستباقية
في البداية نقول أن الكعبة منذ بنيت وهي تمثل الى جانب محتواها الدينى مصدرا لا ينضب وغير مهدد بالنضوب للرخاء الاقتصادي سواء كانت قريش مسلمة أو وثنية وعندما جاء الاسلام لم يتغير موقع الكعبة على خريطة القدسية وإن تغير المسمى
وكانت الكعبة تمثل لأهل الصحراء مصدرا لإستقدام أهل مصر والشام والمغرب الى أراضيهم التى كانت بوارا ولم يكن بها ما يجذب اليها أحدا بطقسها الحار ومائها النادر وطبيعتها الموحشة بينما القادمين يأتون من بلاد على النقيض تماما وهم في جلهم حاملين للخير والمال الذي أبقى على حياة أهل الصحراء بعد تراجع الدولة الإسلامية بعد توسعها
ومن يعرف قسوة الحياة عند هؤلاء يعرف تماما أن التفريط في قطرة الماء ودرهم ذهب وبعض المؤن يستدعي امتشاق السيف دون تردد فهم يحاربون من أجل حياتهم لكن في هذا الوقت كان سيفهم قد دخل غمده وأصبح غير قابل للإمتشاق مع ضعفهم البين وقعودهم عن همة القتال
لكن تفجر النفط في اراضيهم احياهم مرة أخرى خاصة بعد أن تنبه الغرب الى أهمية النفط القادم من الخليج وفقا لمقولة تشرشل الشهيرة: أنهم يريدون النفط مؤكدا في حالة الحرب رخيصا في حالة السلم
وبالفعل فقد ظل النفط رخيصا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى تفجر حرب اكتوبر 1973 التى كابر كل من حكم السعودية بأنهم خاطروا بحكمهم من أجل دعم المجهود الحربي بمنع النفط لكن الباحث المدقق يجد أنهم كانوا في حالة غضب شديد وقتها من الولايات المتحدة الأمريكية التى خفضت قبل الحرب بوقت قليل قيمة أسهم سندات الخزانة الأمريكية وما استتبعه ذلك من تناقص قيمة الأوراق التى يمسك بها اهل الخليج في ايديهم ولذلك فعندما عرض عليهم المساهمة في الحرب من خلال النفط كانوا تواقين لذلك لكن لم يكن لديهم خطة مفصلة لترتيبات استخدامه وأتت هذه الخطة المفصلة من مصر تحدد كميات الاستخراج ومقدار الشح اليومي في الانتاج والتصدير وما الى ذلك

بنهاية الحرب كانت أمور كثير قد تحددت وتغيرت فبجانب تغير شكل الصراع بين مصر واسرائيل وإنتقال مصدر الثقل في المنطقة من دول القلب الى دول الأطراف تغير بالتبعية شكل عقود النفط و أسعاره وشروط التنقيب والإستخراج بشكل قافز بسرعة الصاروخ نحو الأعلى على نحو لم يكن أي من دول الخليج مؤهلة للتعامل معه فالثروة الهابطة عليهم من حيث لا يتوقعون حملت معها كثير من المستجدات من نزعة استهلاكية تعوض قرون العوز وشعور مفهوم بالتميز المالي في مقابل ما يواجههم من تمايز حضاري في مصر والشام لكن كان هناك الى جانب ذلك ما تغير وسط القلة الحاكمة في الخليج التى أرادت ان تستخدم الثروة التى يدركون أنها الى زوال بحكم الجيولوجية الطبيعية ولن تتكرر بحكم قواعد التاريخ في تبوأ مكانة لم يحلموا بها من قبل وكان عليهم استخدام الثروة الهابطة في فعل كل شئ لتأمين أنفسه بعد ذلك سواء ضد العوز أو ضد العدوان او حتى ضد بعضهم البعض

في القدم كان الطريق الممهد لنشوء الدولة السعودية يمر عبر تحالف اقترحته زوجة مؤسس الدولة السعودية بين الإمارة والدين ممثلا في الوهابية وتأسيسا على تجربة يفهمها جيدا حكام السعودية أعادوا التجربة مرة أخري فلم يكن لديهم أساس واضح للتنظير سوى هذه التجربة التى تضع الدين الى جانب كلمة الحاكم وتصبغ شيئا من القدسية على كل ما يأتي من جوار الحاكم ولديهم الكعبة محج المسلمين وكانت التجربة الجديدة هي نفس التجربة القديمة مع ادراك متزايد لكون من حطم التجربة الأولى في الدرعية رجل خرج حاملا سيفه من مصر متجها لحرب عبد الوهاب وكل من معه ولم ينس الحكام في السعودية أن دولة القلب أرسلت جيشا يحاول واليها بكل السبل التخلص من جنوده لإنشاء جيش حديث ، وأن هذا الجيش غيرالمرغوب فيه والذي اعتبره محمدعلي باشا عقبة في سبيل الدولة الحديثة بجنده الأرناؤط والدلاة كان هو السيف الذي قطع أوصال التجربة الوهابية وحرق درعيتهم
وعلى بعد قليل منهم كان الشام يبشر بشكل جديد من أشكال المواجهة فسوريا التى تمسكت بمقولاتها الأيديولوجية وخطابها البعثى كانت تمثل خطرا هي الأخرى على دول الثروة الجديدة
أما الجنوب فكان حكام النفط ينظرون إليه على أنه طامع لكنه غير مستطيع إلا بغيره ولم يكن يقلقهم اليمن في شئ في ذلك في ظل الإنقسام اليمنى الى دولتين متربصتين كل منهما بالأخرى
لكن هذا الوضع يمكن أن يتغير في لحظة واحدة للنقيض كما حدث أيام المد الناصري سواء كان ذلك قد حقق لمصر شيئا أم كلفها أشياء
كل الطرق كانت تقود الى العمل بنصيحة أمريكية قديمة منذ أيام المواجهات الأمريكية الناصرية وهي جعل السعودية فاتيكان العرب وجعل ملك السعودية هو بابا الإسلام حسب التعبير الأمريكي وطبعا سيكون ذلك وفقا لآليات العصر وقدرات آلات إعلامه

الإسلام بطبعه سريع الإنتشار وسط أبناء الحضارات عندما تتعرض ثقافتهم للتراجع ووسط تراجع طال ثقافات المصريين تأسيسا على خطاب ناصري مازال يلقي بظلاله على الأرض رغم مرور زمن على موت عبد الناصر ووسط خطاب بعثى ليس بعيدا عن الخطاب الناصري كان طبيعيا أن يبتعد المصريون والسوريون وهم الفاعلون الأصليون في المنطقة عن جذورهم الوطنية ليحل محلها نظرة تأمل في خطاب دينى جديد طرحته السعودية بعيدا عن الخطاب الدينى المطروح لديهم إضافة الى أنه يكتسي بثوب سياسي ويطرح حلولا ومنهج عمل تماما مثلما كانت الفكرة الماركسية تستند على كتاب رأس المال ومقالات كارل ماركس ككتاب عمل
الى ذلك كان هناك تراجع سوفيتى بحكم التدهور الإقتصادي اللاحق بدب الثلوج الى جانب حرب ضروس لجأ إليها السادات في مصر ضد كل اليسار دون تمييز سواء كان يسار قومي أو عروبي أو ماركسي وكان بذلك يقوي من حيث لا يدري اليمين المستند للفكر الوهابي

بصورة أو بأخرى كان هناك تعاونا بين مشايخ النفط والإدارات الأمريكية المختلفة التى لم تكن على نفس القدر من الجدارة الإستعمارية التى ميزت بريطانيا والتى كانت دائما تنظر الى حلفائها في المنطقة بمنطق أنه لا يجوز احراجهم فكانت هناك لحظات تقدم فيها الإدارة الأمريكية طواعية عوامل الحرج وتبرز النواقص على السطح وتحرج شيوخ النفط ويظهرون كتابعين بعكس بريطانيا التى قدمت لهم من قبل مشروع الجامعة العربية ليتبنوه بإعتباره مشروع وطنى لكن في النهاية كان الحرج كثيرا ولكن كان هناك اتفاق لا يمكن أن يتخلي عنه مشايخ النفط وهو : الحماية

الحماية التى توفرها الإدارة الأمريكية لم تبدأ في حرب الخليج الأولي بين العراق والكويت لكنها سبقت ذلك بكثير جدا فأمريكا أقنعت دول الخليج من قبل أنها هي من تحميهم من المدر الشيوعي وخطر الإحتلال
أيضا الإدارة الأمريكية وبمساعدة ملموسة من الإدارة السعودية كانت تضع أمام عبد الناصر الكثير
أيضا لم يكن هناك أمام حكام النفط أثناء حرب الناقلات بين العراق وايران سوى أن تستظل شحناتهم النفطية بعلم جدير بالإحترام فكان أن ابحرت ناقلات النفط السعودية كثيرا تحت العلم الأمريكي ثم وصل الأمر لطلب الحماية بإلحاح فأرسلت الولايات المتحدة الأمريكية بقطع من اسطولها للخليج لطمأنة شيوخ النفط
وكانت الطامة الكبرى هي الأحتلال العراقي للكويت وهنا كان كل الخليج على استعداد لرفع العلم الامريكي ليس على سفنة وشحناته النفطية بل وعلى قصوره الملكية لو لزم الأمر وهو كما نرى مازال مرفوعا حتى اللحظة
لمطالعة صور ومستندات المقال يمكن زيارة مدونتى الخاصة
مدونة مرفوع من الخدمة

بقى أن نقول أنه اذا كان الخليج يعيش تحت الحماية الأمريكية فإنه مازال أيضا قابلا للمعاناة أكثر بكثير في حالة تعاظم المد الشيعيى الإيراني في اتجاهه وهو ما يهدد دول خليجية كثير بإنسلاخ قطع من جسدها لصالح ايران ومازالت تجارب طنب الكبري والصغير ماثلة للأذهان في الإمارات كما أن المنطقة الشرقية الغنية بالنفط في السعودية هي شيعية في مجملها وسكانها ليسوا سعيدين جدا بالبقاء داخل نطاق الحكم الوهابي شأنهم شأن كثيرون يطلقون دعوات انفصالية تهدد بتحويل أكبر مملكة خليجية الى مجموعة دول تحاكي النمط الحادث في الاتحاد السوفيتى وهنا ايضا لا يبقى امام مشايخ النفط سوى العلم الأمريكي

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة © 2013 مرفوع من الخدمة
تصميم : يعقوب رضا