فجأة.. طفا علي سطح الحياة العامة في مصر.. مرة يتحدث بلغة الخبير في الطاقة.. ومرة بلغة المحترف في الرياضة.. وفي كل الأحوال لم يكن ليترك السيجار الكوبي الفاخر من فمه.. مسترخيا أمام الكاميرات الصحفية والتليفزيونية.. نجم علي طريقة محمد سعد.. أو محمد هنيدي.
لم يكن أحد ليعرف من أين جاء يحيي الكومي؟.. في أية جامعة تخرج؟.. وكيف تحول من رجل علي باب الله إلي ملياردير يبحث عن نفوذ سياسي.. بالنسب.. أو بالشهرة.. أو بكرة القدم التي دخل طرفا فيها بعد أن أصبح بفلوسه رئيسا للنادي الإسماعيلي.
وبدت علاقته بوزير الإسكان السابق إبراهيم سليمان مثيرة للدهشة ولمئات من علامات التعجب والاستفهام.
فقد اشتري قصره في منطقة العروبة في حي مصر الجديدة والذي بناه علي أنقاض فيللا النقراشي باشا بأكثر من أربعين مليون جنيه.. دفع ربعها عربونا.. لكنه.. لم يتسلمه حتي الآن.. فهل كان العربون هدية لا ترد؟
لم يكن أحد ليعرف من أين جاء يحيي الكومي؟.. في أية جامعة تخرج؟.. وكيف تحول من رجل علي باب الله إلي ملياردير يبحث عن نفوذ سياسي.. بالنسب.. أو بالشهرة.. أو بكرة القدم التي دخل طرفا فيها بعد أن أصبح بفلوسه رئيسا للنادي الإسماعيلي.
وبدت علاقته بوزير الإسكان السابق إبراهيم سليمان مثيرة للدهشة ولمئات من علامات التعجب والاستفهام.
فقد اشتري قصره في منطقة العروبة في حي مصر الجديدة والذي بناه علي أنقاض فيللا النقراشي باشا بأكثر من أربعين مليون جنيه.. دفع ربعها عربونا.. لكنه.. لم يتسلمه حتي الآن.. فهل كان العربون هدية لا ترد؟
وفي الوقت نفسه خصص له إبراهيم سليمان قطعتي أرض في التجمع الخامس مساحتهما نحو 200 ألف متر بالقرب من الجامعة الأمريكية هناك.. كان مقررا لهما أن تكونا حدائق عامة يتنفس فيها الناس.. وقد وصلت قيمتهما اليوم إلي نحو 300 مليون جنيه.. دون أن نعرف من كسب ومن خسر؟
يضاف إلي ذلك أنهما اتفقا علي إنشاء مصنع لإنتاج الإيثلين ونجحا في الحصول علي حصة من الغاز الطبيعي لتنفيذه.. لكن.. وزارة البترول تراجعت عن منحهما الحصة فيما بعد وإن أشاعا أنهما يملكان عقدا بها
ولعل هذه الصفقات السهلة التي حصل عليها يحيي الكومي تؤكد أنه رجل " مبخت ".. حظه من السماء.. تأتي إليه الملايين دون مجهود يذكر.. فاتحة له ذراعيها.. لترتمي في حضنه.. وهي مصرة علي البقاء.. ليكون كل ما عليه أن يفعله هو أن يحشرها في البنوك.. أو في خزائن بيته.
إن أكبر دليل علي ذلك هو صفقته التي تثير العجب ويندر أن يعرف خباياها أحد مع شركة يونيون فينوسا ديسارولو واي أكسيون أكتسريور الأسبانية ومقرها شارع قبطان هايا في مدريد.. وهي الشركة التي حصلت علي حق تسييل الغاز في دمياط.. وتعد من أهم الشركات في بلادها في نشاط الطاقة.. وهي تمثل ستين شركة متنوعة هناك.. وحصتها من السوق الأسباني نحو 14 في المائة.
لقد بدأت هذه الشركة في البحث عن مصادر طاقة بديلة بعد أن أوشكت مصادر الطاقة الأوروبية التي تغرف منها علي النفاد فاتجهت إلي الخليج وفتحت لها مكتبا في الإمارات شاركها فيه مهندس مصري يحمل الجنسية الأسبانية هو حامد المعطاوي والمهندس سامي سعيد الشريان الذي كان بمثابة الشريك المحلي والكفيل لها.. لكنها لم توفق في الحصول علي حصة من الغاز الإماراتي لأن تعاقد تصديره لها أمد طويل.. كما أن الكميات التي طلبتها كانت أقل مما هو معتاد بيعه من كميات في الخليج.
اتجهت الشركة إلي مصر في نهاية عام 1999 بعد أن تابعت أخبار اكتشافات الغاز فيها بكميات تجارية دون أن تعرف ما يمكن أن تفعله بها.. وجرت مفاوضات بينها وبين وزارة البترول لبناء مصنع لتسييل الغاز بعد ضمان حصة لها فيه.. وتدخل في المفاوضات المهندس حامد المعطاوي ومهندس آخر يعمل في مصنع لتسييل الغاز في الإمارات هو المهندس عمر الكومي.. لا علاقة له بيحيي الكومي.. بل هو ابن أخت الشيخ صلاح ابو إسماعيل.. وتولي عمر الكومي تعريف حامد المعطاوي بيحيي الكومي.. وكان هناك ما يبرر تلك المعرفة.
كان عمر الكومي قد تعرف علي يحيي الكومي بسبب مصنعه في العاشر من رمضان الذي يقوم فيه بإعادة تكرير زيت السيارات المستعمل لاستخدامه من جديد.. وكان في حاجة لتكنولوجيا خاصة اقترح عمر الكومي عليه استيرادها من تشيكو سلوفاكيا.. وكان رأيه أن المشروع مناسب ومربح.. خاصة أن الذي قام بإعداد دراسة الجدوي له سمير فهمي والد سامح فهمي وزير البترول الحالي.. وقد كان يحيي الكومي معه في واشنطن في آخر أيامه وتعرض لأزمة صحية انتهت بوفاته.. فاكتفي يحيي الكومي بإرسال جثمانه في تابوت إلي القاهرة.. وابلغ أسرته بالنبأ الحزين.. ثم تركه وسافر إلي كندا.. وكأن شيئا لم يكن.
اقترح عمر الكومي أن يتابع يحيي الكومي مفاوضات شركة فينوسا مع هيئة البترول بدعوي أن علاقته قديمة بوالد الوزير.. ومتينة بابنه.. وبالفعل نجح في تحديد موعد مع الوزير بعد شهرين من توليه الوزارة.. وعرضت الشركة ما عندها.. وهو أن تستثمر الكثير في صناعة الغاز.. وتشتري المنتج مباشرة.. لتكون صانعا ومستهلكا في نفس الوقت.. وكانت الحالة الأولي من نوعها.. فوافق الوزير بعد تقديم دراسة الجدوي.. وتوضيح القدرة المالية للشركة والمشروع.. ونوعية التكنولوجيا المستخدمة.. وقدرت وزارة البترول مكاسبها من المشروع في سنوات قليلة لا تقل عن 12 مليار دولار.
بعد مقابلتين مع الوزير قويت علاقة يحيي الكومي مع حامد المعطاوي مستشار الشركة الإسبانية الذي اقترح علي يحيي الكومي أن يكون مستشارا له أيضا.. وانتقلت المفاوضات من الوزير إلي هيئة البترول.. وبعد ستة شهور وقعا مذكرة تفاهم.. وكان ذلك في أبريل 2000.. ثم بدأت مفاوضات العقد النهائي الذي جري توقيعه في أغسطس من العام نفسه بعد أن زار الرئيس مدريد وشجع التبادل الاستثماري بين البلدين وإن لم يلتق بأحد من الشركة هناك.
كان يحيي الكومي بمثابة مشهلاتي للصفقة.. مهمته متابعة المعاملات الإدارية في مصر بعد أن بقي عمر الكومي في عمله بالإمارات.
وجاءت شركة أخري هي شركة جاز دي أوكساد من أقليم الباسك لتستثمر في مصر في المجال نفسه.. مجال الطاقة.. بعد أن تشبع الاستثمار المحلي في بلادها.. وهي شركة أكبر وأهم من شركة فينوسا.. وقرر حامد المعطاوي أن يلعب يحيي الكومي نفس الدور.. دور المشهلاتي.. لكن.. يبدو أن اقترابه منه جعله غير راض عن تصرفاته فاكتفي بأن يكون يحيي الكومي مشهلاتي لفينوسا فقط.
في أغسطس 2000 جري توقيع عقد بيع الغاز لشركة فينوسا لمدة 25 سنة علي أن يتبع ذلك استثمارات تقدر بنحو مليار دولار في مصنع لتسييل الغاز.. لكن.. ظهرت مفاجأة مثيرة للدهشة في ذلك الوقت.. هي أن حامد المعطاوي اكتشف أن يحيي الكومي موضوع في القائمة السوداء لهيئة البترول.. ولم تكشف هذه المعلومة إلا بعد فوات الآوان.. فلم يكن من السهل توصيلها للشركة الإسبانية وإلا فقدت الثقة في كل ما جري.
وما ضاعف من الحرص علي تكتم المعلومة أن يحيي الكومي كان يتصرف مثل السمسار.. كل ما يريده عشرة في المائة أتعابا مقابل قيامه بدور المشهلاتي.. خمسة في المائة أسهما في الشركة التي ستبني مصنع تسييل الغاز.. وخمسة في المائة نقدا.
لكن.. حامد المعطاوي وجد أن من الأفضل وجود شريك مصري في الشركة بنسبة أكبر ليكون وسيلة ضغط مناسبة علي الشريك الإسباني.. وبدأوا يفكرون في تحويل يحيي الكومي من سمسار إلي شريك.. مقابل نسبة واحد ونصف في المائة تؤخذ منه لكل من حامد المعطاوي وعمر الكومي بخلاف النسبة التي سيحصلون عليها من فينوسا.. وفيما بعد اشتري حامد المعطاوي من عمر الكومي نسبة الواحد ونصف في المائة وأصبحت نسبته التي يجب علي يحيي الكومي دفعها له ثلاثة في المائة.
علي أن المشكلة هي أن يحيي الكومي لم يكن يملك مالا يدفعه ليرفع به حصته في الشركة المشتركة والتي لم يعترض الشريك الإسباني (فينوسا) علي رفعها إلي عشرين في المائة وهي النسبة التي اقترحها بنفسه.. بل وافقت فينوسا أيضا علي رفع النسبة إلي أربعين في المائة بعد أن همس في أذن حامد المعطاوي بأن معه شركاء لهم ثقل سياسي واجتماعي من كبار القوم في مصر وذكر أسماء تثير الرعب بالفعل.. وخروجا من مطب التمويل اقترح أن تقرضه فينوسا ما يغطي حصة ثلاثين في المائة تضاف إلي العشرة في المائة التي له.. نصيبه كمشهلاتي.
وهنا وقع يحيي الكومي عقدا مع كل من حامد المعطاوي وعمر الكومي يكون بمقتضاه لهم الحق في الواحد ونصف في المائة من قيمة الشركة يدفعها لهما وتكون دينا عليه وهي النسبة التي أصبحت من حق حامد المعطاوي بعد شراء نسبة عمر الكومي.
وحسب العدد رقم 34324 من صحيفة الاستثمار المصرية جري تأسيس الشركة الإسبانية المصرية للغاز ( سيجاس ).. شركة مساهمة مصرية بنظام المناطق الحرة بين كل من الشركة المصرية العربية للتجارة والتوكيلات ( يحيي الكومي وشركاه ) ومقرها 27 شارع عبد الحميد بدوي بمصر الجديدة ويمثلها يحيي أحمد السيد الكومي بصفته المدير وله حق التوقيع والإدارة.. وشركة فينوسا ويمثلها في العقد الياس فيلاسكو جارسيا بصفته أو جامي بورتيرو في غيابه.. وكان هناك طرف ثالث إسباني بنسبة صغيرة تكاد لا تذكر.. واحد من عشرة في المائة.
وحددت الصحيفة الهدف من الشركة بإنشاء وتنمية وامتلاك وتشغيل مصنع لإزالة الغاز الطبيعي.. ومزاولة الأنشطة المرتبطة بصناعة البترول والمحروقات.. وتصدير الغاز المسال ومنتجاته.. علي أرض تصل مساحتها إلي مليون ومائتي متر مربع في ميناء دمياط.. وبرأسمال اسمي قدره 500 مليون دولار.. المصدر منه مائة مليون دولار.. وتملك فينوسا من أسهم الشركة تسعة وخمسين في المائة وتسعة من عشرة في المائة ويكمل شريكها الإسباني النسبة لتصل إلي ستين في المائة.. علي أن يكون نصيب يحيي الكومي أربعين في المائة بعد أن اقرضوه ما يريد من مال.
وقدرت التكاليف الاستثمارية للمشروع بنحو 1700 مليون دولار.. موزعة علي مرحلتين.. الأولي : لبناء خط الإنتاج الأول بمليار دولار.. والثانية : لبناء خط الإنتاج الثاني بسبعمائة مليون دولار.
أما مصادر التمويل فهي رأس المال (100 مليون دولار) بجانب تمويل ذاتي.. وتسهيلات خارجية للمرحلتين (1600 مليون دولار).
أصبح يحيي الكومي في غمضة عين يملك ثروة هائلة دون ان يدفع مليما واحدا.. ولم يصدق نفسه.. وبدأ في تدخين السيجار.. وتقديم نفسه علي أنه نجم من نجوم البيزنس.. ولكن.. فجأة وبعد ثلاث سنوات من تأسيس الشركة المشتركة بينه وبين الجانب الإسباني قرر أن يبيع حصته في الشركة وتصفية ما عليه من ديون لها.. وكان ذلك في وقت تضاعفت فيه قيمة السهم واصبح الدولار فيها يساوي ثلاثة دولارات.. وخرج منها بثروة يحسد عليها.. قدرها البعض بأربعين مليون دولار.. أو أكثر من 300 مليون جنيه.. جعلته يسعي إلي أن يزوج ابنته لواحد من المقربين لعائلة الرئيس.. ثم ليسعي عند محافظ الإسماعيلية السابق صبري العدوي لينضم إلي نادي الإسماعيلي الذي اصبح رئيسا له فيما بعد.. متصورا أنه مثل رئيس وزراء إيطاليا برليسكوني سيحصل علي نفوذه السياسي من نادي كرة قدم.. كما أنه كان مقتنعا بأن علاء مبارك يحب الإسماعيلي.. ومن ثم سينتبه إليه.
ولم يفتح يحيي الكومي فمه بالتفاصيل التي ظل كل من يعرفه يتساءل عنها.. وبقي علي هذا الحال أكثر من أربع سنوات إلي أن خرج أخيرا ليصرح بأنه تعرض لضغوط رسمية هائلة أجبرته علي الخروج من الشركة دون أن يحدد أسماء من مارسوا الضغط عليه.. ودون أن يروي كيف أصبح شريكا لفينوسا؟.. وكم كسب من ملايين بعد خروجه منها؟.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق