أظن وبعض الظن من حسن الفطن أننا شعرنا خلال نهاية العام الماضي وبداية هذا العام أننا جميعا شعرنا أن مصر الرسمية قد أصبحت مرفوعة من الخدمة
ببساطة شديدة جدا كنا نظن أنه من حق أي مواطن في اي دولة ان يتصل بدولته سواء عن طريق سفاراتها – ان كان في الخارج – او عن طريق مسؤوليها أو عن طريق مؤسساتها الصحفية....
وحينما تبلغ الدول مبلغا من الطرش وثقل السمع يصبح أمام المواطن خيار اخير وهو التظاهر بوسائله المختلفة فمن لا يستطيع السمع قد يستطيع الرؤية وكل المراد هو ايصال الرسالة ليس إلا .
الغريب أن الشعب المصري جرب خلال هذه الفترة كل الوسائل ، اتصل من السودان يستغيث بدولته لكنها كانت خارج نطاق الخدمة
اتصل بصحافته الرسمية والمستقلة والحزبية ولكن المفاجأة ان هذه الصحافة بدورها كانت تحاول الإتصال بمصر الرسمية ولا تتلقى سوى رنين قصير يعقبه رسالة الرقم مرفوع مؤقتا من الخدمة
في النهاية قرر ان الدولة قد اصابها الصمم بسبب سكناها عاصمة الضجيج فقرر أن يعتمد على الحاسة الأخيرة وهي حاسة الإبصار فنزل الى الشوارع المحيطة بالسفارة الجزائرية وهنا فقط تحركت الدولة المرفوعة من الخدمة وارسلت قوات امنها التى لم تذهب لنجدة المواطنين في السودان –أرسلتهم لمنع المصريين من الثأر من سفير البربر في القاهرة
ربما كان هناك فائدة وحيدة من اهانة ام درمان وهو انها كانت الصيحة الاخيرة التى اعلنت بكل فخر موت فكرة القومية العربية التى أورطنا فيها البكباشي جمال عبد الناصر وجعلنا نستشعر المها على مدار عقود كألم ومرض مزمن الى ان جاءت واقعة أم درمان التى حلت عقدة الألسنة لتهتف رافضة فكرة العروبة التى لا يدفع ثمنها غيرنا فهم يقاتلون حتى اخر جندي مصري ،واي نصر لنا هو نصر للعرب واي هزيمة هي هزيمة مصرية وغير ذلك الكثير .
تذكرون طبعا الاهانات المتكررة من زوجة وحرس الامير تركي على ضفاف النيل في القاهرة التى ارتضت ان تقطع هذا الامير المطرود جزءا من ارضها تمارس فيه زوجته ذات الأصل البربري المغربي طقوسها الشاذه على المصريين دون رادع
تذكرون اهانات الكفيل في بلاد الخليج
تذكرون تخاريف القذافي وألاعيبه الصبيانية
تذكرون وقاحة صدام وعنفه ونعوش الموت المصرية العائدة من العراق
تذكرون صفاقة السوريين
تذكرون تآمر السودانيين
تذكرون صلف الكويت وسوء طويتهم
تذكرون حقارة الفلسطينيين ومدى تطاولهم علينا بينما يقيمون بيننا بعد ان باعوا اراضيهم قديما ويتاجرون بها حديثا
كل هذا مصر غير الرسمية تذكره جيدا والقول الدارج يقول – عرب جرب – لكن مصر الرسمية حرارتها مقطوعة واسلاك هاتفها مهترئة واذنها تحتاج الى سماعة طبية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق